Uncategorized
الشواغير بلدة تتربع على كتف العاصي وانتاجها الزراعي على مدار الفصول
في أقصى الشمال الشرقي للبنان، تتربع الشواغير على الكتف الغربي لوادي العاصي. هذه البلدة التاريخية التي تعود تسميتها الى السريانية لتعدد عيون الماء بين الصخور أسفل التل. تمتد من شرق الهرمل حتى بلدة المشرفة الحدودية، وتتصل بها بلدة حوش السيد علي من الشمال، وصولا الى الحدود مع سوريا عند مزارع بلدة ربلة السورية.
امتد عمرانها من الجهة الغربية حتى لامس احياء في مدينة الهرمل. وفي الضفة الشرقية لنهر العاصي في البلدة، تمتد قناة زنوبيا التي كانت تنقل المياه من العاصي، إلى مملكة تدمر عبر الصحراء، ولا يزال العديد من أقسامها موجود، كذلك فتحات التهوية والصيانة والتي تتوزع على امتداد القناة باتجاه تدمر شرقا.
تنقسم البلدة الى قسمين الفوقا والتحتا وتتبع لقضاء الهرمل، فيها مجلس بلدي وعدد من المخاتير، تضم سجلات نفوس البلدة بالاضافة لأهلها المقيمين، عائلات من الموارنة والسنة، كانت مقيمة في البلدة الذين نزح جزء كبير منهم إلى بلدة ربلة هربا من الاضطهاد خلال الاحتلال العثماني.
تعتمد الشواغير على الزراعة بحيث تروي مياه البلدة الغنية البساتين المغمورة بأشجار الكرمة التي تتدلى عناقيدها على الأشجار المعمرة من سنديان وميس، إضافة الى اللوزيات والمشمش الذي ينضج باكرا ويباع في الأسواق اللبنانية وأشجار الجوز العملاقة والرمان. ويعتمد المزارعون روزنامة منسقة بحيث تتم الاستفادة من الزراعة في المساحات المستصلحة في سهول البلدة بشكل مدروس من خلال الاستفادة من الإنتاج على مدار الفصول، تزرع النباتات الخضراء من فول والبازيلا والخس والخضروات الحقلية مع بداية الخريف، ليصار بعد جني المحصول للاستفادة من الارض وشبكات الري لزراعة البطيخ بأنواعه والذي أضحى ينافس أجود المنتوجات في مناطق أخرى، ليصار بعدها الانتقال لزراعة البندورة والباذنجان والفليفلة، ونبتة الملوخية الشعبية حيث تحصد فتيات البلدة أوراقها لتجففها من ثم تباع في الأسواق، والى رواد العاصي خلال موسم الصيف، ويعلو ضفتي النهر اشجار الحور بأصنافه المتعددة.
تنتشر على ضفتي النهر مئات الاحواض من سمك الترويت التي يعتاش منها اكثر من 200 مزارع اسماك، بالإضافة الى تعدد المقاهي والمطاعم ونوادي الرياضات النهرية (كاياك ورافتنغ) بمسافة 6 كلم داخل الوادي.
المجلس البلدي للشواغير حديث العهد، استطاع إنجاز العديد من الاعمال من طرق وانارة وارصفة ومبنى البلدية ومستوصف وضع بتصرف الصليب الأحمر اللبناني مؤقتا، يقدم الخدمات الصحية لأهالي البلدة والجوار، وملعب رياضي وعدد كبير من جدران الدعم وتلبيس شارع البلدة الرئيسي بالحجر الصخري، بالإضافة الى تأهيل وتوسيع الطريق المؤدية إلى المقاهي التي يقصدها الاف اللبنانيين كل موسم صيف، فيما يتوافد الصيادون خلال مواسم الصيد حيث الاقامة الآمنة والضيافة المميزة. وفي البلدة مدرسة رسمية وأخرى خاصة وعند المدخل مبنى دار المعلمين في الهرمل.
الحاج حسن
وأكد رئيس البلدية محمد الحاج حسن اهتمام البلدية بالشؤون الخدماتية بالتعاون مع وزارات السياحة والاشغال والهيئة العليا للإغاثة، لافتا الى تحديات تواجه البلدية للنهوض بالبلدة، وفي مقدمها الصرف الصحي ومياه الشفة، وقد بدأ العمل بمشروع استحداث جور صحية بمواصفات معزولة، بالتعاون مع اتحاد البلديات، وتستكمل انارة طريق المقاهي وصولا لمحلة شلالات الدرادارة، آملا التعاون والدعم للوصول الى بلدة أفضل تليق بما وهبها الله من طبيعة خلابة”.
وأشار الى سعي العشرات من المستثمرين لتطوير المؤسسات المنتشرة ورعايتها من الجهات المعنية من سياحة واشغال وبيئة ومجلس الانماء والأعمار والهيئة العليا للإغاثة، خاصة وان السيول تقتحم وادي العاصي سنويا محدثة الاضرار بالمواسم الزراعية والثروة السمكية والمقاهي السياحية، وهي مصدر عيش معظم أهالي البلدة، فيما يطالب أهالي البلدة باستغلال مياه نبع الشاغور لمياه الشفة، واستحداث خزان وشبكة مياه تغذي بيوت البلدة، خصوصا في ظل الظروف المناخية الصعبة، حيث يعمد الكثيرون للاستفادة من مياه العاصي عبر الضخ او من خلال الآبار لسد حاجتهم.
اما بلدة حوش السيد علي والتي يتبع عدد كبير من سكانها لبلدة الشواغير، فهي امتداد طبيعي بحقولها المنتشرة على ضفاف العاصي والتي كنت تمثل الخزان الحقيقي للزراعات الحقلية من حبوب بأنواعها في مقدمها زراعة الذرة والقمح والشعير والخضروات المتنوعة، وتشتهر بشلالاتها الذي تعتبر من اجمل ما أبدع الخالق، قبل ان تعبث بها أيادي البشر ولم يبق منها الا شلال الشلمان بطبيعته الساحرة، والتى طالما تغنى بها الشعراء في قصائدهم، فيما أضحى سد حيرة الشهير أقنية تتفرع منه مياه العاصي، بعد أن أقامت عليه الدولة السورية سدا يتيح نقل المياه إلى السد والبحيرة التي استحدثت عند الحدود الشمالية للبنان في جوار بلدة القصر.
يعمل ابناء البلدة في الزراعة وتربية الماشية والتبادل الزراعي والتجاري مع الجوار السوري، بالاضافة الى بعض المشاريع الصغيرة لتربية الأسماك وتصنيع الألبان، مع الاشارة الى أنه كان للبلدة في السبعينيات اول تجربة لتربية سمك الترويت.
وفي التلال المجاورة، مقابر تاريخية محفورة بالصخر، تم العبث بها ولم تحظ بأي اهتمام، فيما تبقى طاحونة العميري التاريخية شاهد على حضارة وهمة الأجداد وابداعهم.
والبلدة متروكة للأقدار في ظل غياب الرعاية الرسمية التي تقتصر على مدرسة رسمية متواضعة، ومواقع للجيش اللبناني التي ترمز أننا جغرافيا في لبنان.
الوكالة الوطنية للإعلام