فن ومشاهير

صباح… ديفا الشمس

Published

on

جوزيفين حبشي

وسط ملايين الفيروزيين، أنا صبّوحية وبامتياز… صحيح كلّنا نحبّ فيروز، لكنّي أنا أعشق صباح. أعشق صباح الصوت، صباح الضحكة، صباح  الانوثة والحبّ والحرّية والتفاؤل. صباح التي كانت توزّع الحياة كما توزّع الشمس دفأها، وتسكب الكرم في كلّ شيء:في أغانيها، في حضورها، في قلبها الاكثر بياضاً من نهار جديد. كانت صباح الأناقة التي لا تُنسى، والسحر الذي لا يُفسَّر، والإبهار الذي لا يُعاد.

في مثل هذا اليوم غادرتنا “الشحرورة”، “الصبّوحة”، “الأسطورة”. غادرت ومعها رحل شيء من بهجة الدنيا. ولكن ضحكتها بقيت معلّقة في الذاكرة كجرسٍ ذهبيّ لا يخفت، كأنها تقول لنا من خلف الغياب: لا تسمحوا للحزن أن ينتصر.

كانت صباح أكثر من مطربة؛ كانت روحا تمشي بخفّة فوق تعب العالم. كانت طاقة حياة، لونا يملأ الشاشات، فكرةً بسيطة وعميقة في آن : أن نبتسم، أن نضحك، أن نعيش… مهما قست الأيّام.

في مثل هذا اليوم رحلت صاحبة الصوت الذي يهدر كالنهر ويحنّ كالأم، صوتٌ لم يكن يغنّي فقط، بل كان يوقظ الفرح من سباته، ويعيد للعمر شبابه كلّما هرِم. رحلت الأناقة التي لا تتكرّر، النجمة التي لم تنطفئ، المرأة التي قاومت الزمن بالابتسامة لا بالمرآة، وبالعطاء لا بالادّعاء.

Advertisement

واليوم، حين أستعيد حضورها، أشعر أن الفقد لا ينتصر تماما، فهناك أرواح تُخلَّد لا لأنّها غنّت، بل لأنّها جعلتنا — دون أن تدري — نحبّ الحياة أكثر، ونخاف الحزن أقل. صباح كانت تُلهم قلوبا بأكملها أن تعيش، لا أن تنتظر.

سلامٌ عليكِ يا صبّوحة…سلامٌ على ضحكتكِ التي ما زالت تلمع على أطراف الذاكرة، وتشرق في مطلع كل أغنية علّمتنا أن الفرح شجاعة، وأن الأمل قرار.

سلام عليكِ…يا امرأةٍ كنتِ، وستبقين، صوت الاصالة ، ذاكرة الفرح الذي لا يغيب وديفا الشمس.

Exit mobile version