ثقافة
صدر حديثاً.. كتاب “فيدرا.. امرأة فى ملتقى الحضارات” للكاتبة راندا رزق
صدر حديثاً كتاب تحت عنوان “فيدرا.. امرأة فى ملتقى الحضارات” لكاتبته الدكتورة راندا رزق أستاذ الاعلام التربوي بجامعة القاهرة، والأمين العام للمجلس العربي للمسئولية المجتمعية.
ويبحث هذا الكتاب عن تأثيرات أسطورة “فيدرا” فى بعض الأعمال الدرامية، متطرقا لنوع الخطاب الذكوري فى الثقافة العالمية منذ الفراعنة مرورًا بالإغريق وحتى عزيز أباظة.
وتوقفت الكاتبة في سياق بحثها عن تأثيرات أسطورة “فيدرا” فى بعض الأعمال الدرامية عند سبع نماذج صريحة ، أربعة منها عند يوربيدس وراسين وبنيانتى ويوجين أونل ، وثلاثة عند كتّاب عرب هم : على أحمد باكثير وتوفيق الحكيم وعزيز أباظة .
واتفق الجميع على أن فيدرا تمثل صورة الحب المحرم ، ولكنهم اختلفوا فى تفسيراتهم للدوافع وراء سلوك فيدرا، يوربيدس الأغريقى أخذ بفكرة مكيدة الربات فالدافع إذن نوع من القدر الذى لاحيلة لفيدرا إلى دفعه ومن ثم أظهر كل من فيدرا وهيبوليت كضحايا، أما راسين المسيحى الذى يمثل الكلاسيكية الجديدة ، فقد صدق على فكرة السبب الميتافيزيقى، لكنها مكيدة الشيطان تلك التى أوقعت بفيدرا فى الخطيئة ، ومن ثم ظهرت نموذجاً للشر الخالص وكأنها سالومى ، فيما ظهر هيبوليت ورعاً متدينا وكأنه يوحنا المعمدان، أما بنيانتى فالتقط فكرة كيد النساء وحولها إلى سياق شعبى وكأن ماحدث ليس سوى غيرة نسوية حمقاء يدفع ثمنها الرجال ، أما يوجين أونيل فقد عزى سلوك فيدرا إلى نوع من الانحطاط الأخلاقى الذى أصاب أوربا بعد الحرب الأولى كنتيجة لتدنى مستوى المعيشة، لهذا فإن الفساد له أسباب اقتصادية .
أما عزيز أباظة فكتب مسرحيته 1968 ، سماها زهرة لتكون على وزن ( فيدرة ) كما يخبرنا ، ثم أنه كتبها شعراً مثل راسين ، فقدم نوعاً من التمصير للشخصيات وغير فيها، فجعل العلاقة تقوم بين الأم وخطيب ابنتها ، مبرراً ذلك بأن زهرة هى فيدرا القرن العشرين ، مجرد امرأة تعيش أزمة منتصف العمر ، وتحاول أن تستعيد شبابها فتقع فى غرام الشاب خطيب ابنتها، وهذا التفسير يوعز بأن دافع الغواية عند زهرة نوع من الاهتزاز النفسى والضعف الإنسانى ، لهذا هو لايصل باالعلاقة إلى منحنى الخطيئة المباشرة .
وقبل عزيز أباظة، وفى 1948 ، كتب توفيق الحكيم مسرحية اللص من وحى فيدرا أيضاً، ولكنه جعل الخطيئة ـ هذه المرة ـ متساوية بين الرجل والمرأة ، ليس إيمانا منه بالمساواة بين الرجل والمرأة ، فقط أراد التعبير عن شيوع الفساد السياسى والاجتماعى فى مصر داخل قصور الباشوات معارضاً فكرة الدافع الاقتصادى عند أونيل ، ومن ثم فالفساد الأخلاقى ليس قدراً ، ولا غواية شيطانية ، ولا ضعف نفسى وإنسانى ، لكن له أسباب سياسية واجتماعية ، وهكذا يكون الإنسان مسؤلاً مسؤلية كاملة عن أفعاله.
أما الباحثة رندا رزق فقد ألمحت إلى نوع الخطاب الذكورى فى الثقافة العالمية منذ الفراعنة مرورًا بالإغريق وحتى عزيز أباظة، وبهذه اللمحة أضفت الباحثة قيمة جديدة إلى بحثها عن صورة فيدرا ورأتها مجسدة لصورة المرأة عبر الحضارات المختلفة، ومن ثم اقتربت ببحثها من الخطاب النسوى المعاصر.