ثقافة
قراءة مرجعية حول
المؤتمر العلمي الدولي الثاني عشر للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
“التعليم من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة”
يُعد التعليم من أبرز الاساسات المحورية للتنمية المستدامة باعتبار أنها تتطلب آليات تنفيذ، وممارسة لسلسة من العمليات التحولية لضمان نجاح هذه الأهداف، ويرتبط التعليم بالأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة، خاصة فيما يتعلق بالهدف الرابع المعني بالتعليم ذي الجودة العالية.
وانطلاقًا مما ذُكر، عُقد المؤتمر العلمي الدولي الثاني عشر للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة الثاني عشر، الذي عنوانه: “التعليم من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة”، تحت شعار: “استدامة النمو في العالم العربي”، برعاية الجامعة العربية، بمقرها الدائم بجمهورية مصر العربية، وذلك خلال يومي 8،7 ديسمبر 2022 ميلادي. استهل المؤتمر جلساته بكلمات افتتاحية رسمية للجامعة العربية، والأمانة العامة للاتحاد، تلتها كلمات لرؤساء الوفود المشاركة، ومندوبي المنظمات الدولية.
شاركت في فعاليات هذا المؤتمر عشر دول عربية، وهي: ( مصر، والإمارات، والجزائر، والسودان، والسعودية، وليبيا، وسلطنة عمان، والكويت، والعراق، وفلسطين).
أتيحت الفرصة للمداخلات العلمية المتنوعة لرؤساء الجامعات وقيادات المؤسسات المتنوعة في ذات المجال حول أهمية التعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الذي أتى في صدارة الأهداف بالتسلسل الرابع الذي نص فيه على التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع‘، والذي يقترن حسب وجهة نظر المتداخلين المختصين بسبع غايات وثلاث وسائل للتنفيذ.
وبهذا الصدد شاركت بمداخلة مختصرة في الجلسة الأولى حول أهمية دمج تحقيق أهداف التنمية المستدامة في منظومة التعليم العام والعالي والبحث العلمي، سردت خلالها مسيرة البحث العلمي والتنمية المستدامة، أوضحت فيها بأن: بلدنا ليبيا – بالرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية القاسية والمليئة بالصعوبات والعراقيل – تمكنت في سنة 2017م من تأسيس منتدى البحث العلمي من أجل التنمية المستدامة كأحد البرامج الإقليمية المستحدثة بمساهمة جامعة الدول العربية، وبالتعاون مع المنظمات المتخصصة، الذي أسهم في إرساء قواعد منظمة للتنمية المستدامة، وإن كانت في بداياتها متواضعة مع بعض القطاعات على المستوى الوطني لاسيما في مجلس النواب، ووزارة الخارجية والتعاون الدولي، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وتأسيسًا على قواعد هذا المنتدى وحيثياته “منتدى البحث العلمي من أجل التنمية المستدامة”، وبناءً على مخرجات الأنشطة العلمية لجامعة الدول العربية وتوصياتها، أُطلق البرنامج الوطني للتميز في العلوم والتكنولوجيا كأحد أبرز المشاريع المنبثقة عن التنمية المستدامة 2030م، المصنفة للدول غير المستقرة على مستوى الدول العربية.
يركز هذا البرنامج بشكل أساسي على فئة المتفوقين والمتميزين في الجانب العلمي؛ لكونهم يمثلون مشاريع لعلماء أو قيادات كلٌّ في مجاله، ويجب الاستثمار في عقولهم عبر سلسة معتمدة من الإجراءات والأنشطة التدريبية المعاصرة الداعمة لهذه الفئة، ونظرًا لعدم استقرار الدولة؛ فإنه لا يمكن تعميم هذه الأنشطة على كامل التراب الوطني، وبالتالي اقتصار الموضوع على فئة معينة كان استثناءً نتيجة هذه الظروف.
تأتي مشاركة الوفد الليبي في هذا المؤتمر في إطار التعاون المشترك بين الهيئة الليبية للبحث العلمي والمركز الليبي للبحوث الطبية، وجامعة الزاوية، وشركة المدار الجديد، ومجموعة رويال الطبية، بمساندة المنظمة الألمانية للتعاون (GIZ) عبر المبادرة الدولية للتعاون المشترك تحت إدارة منتدى البحث العلمي من أجل التنمية المستدامة التابع للهيئة الليبية للبحث العلمي، وقد ضم الوفد الليبي مجموعة من أساتذة الجامعات والخبراء في مجال التنمية المستدامة، بمختلف تفرعاتها ومجالات ممارستها المدرجة أسمائهم بالشكل التالي:
وفي اليوم الثاني عقدت بقاعة مؤتمرات نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر الجلسات العلمية لمناقشة البحوث والدراسات العلمية المقدمة من الأساتذة والباحثين – أعضاء الاتحاد من مختلف الاقطار العربية – التي بلغ عددها (24) بحثًا، سيتم نشرها بالمجلة العلمية الخاصة “المجلة الدولية للأبحاث العلمية والتنمية المستدامة”.
وبطبيعة تكوين المؤتمر في تسلسله الدوري الذي ينظمه الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة برعاية جامعة الدول العربية، يشتمل في دورته الحالية على جملة من الأهداف التي إجمالها في التالي، والموضحة كما هو بالصورة أدناه:
• التأصيل العلمي لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.
• الإسهام في توجيه التعليم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك لتمكين النمو المستدام في العالم العربي.
• بناء تصور للمشروعات التعليمية في التعليم (العام، الجامعي، الفني، والمهني) الداعمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
• تأصيل عملية دمج مهارات القرن الواحد والعشرين في نظم التعليم العربية؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
• التأكيد على أهمية الدور الفعال للجامعات الخاصة والأهلية في التقدم المجتمعي، والنمو المستدام، في إطار أهداف التنمية المستدامة.
• إبراز أهمية التعليم الفني والمهني في نهضة المجتمعات، وتقدم الشعوب، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الوطن العربي.
• خلق بيئة تنافسية بين وحدات التعليم المختلفة في مجتمعاتنا العربية؛ بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
• رسم سياسات عامة لخلق رؤية عامة، ونظم تعليمية جديدة ومتطورة؛ لضمان النمو المستدام من أجل مستقبل أفضل للدول النامية.
• الدعوة إلى تضمين أهداف التنمية المستدامة في المناهج التعليمية بالمؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة؛ لضمان النمو المستدام.
كما تم خلال فترة انعقاد المؤتمر مناقشة عددا من المحاور في صورة كلمات رسمية، وورش عمل، وحلقات نقاش، ومحاضرات، وعروض تقديمية علمية، ومناقشة البحوث المعتمدة في المؤتمر؛ وذلك من أجل المزيد من الارتقاء بالتعليم في الدول العربية وتطويره، لا سيما من خلال مواكبة المناهج، وطرق التعليم الحديثة، ودمج أهداف التنمية المستدامة في العملية التعليمية والتربوية؛ ضمانا لمستقبل أفضل للأجيال القادمة.
إلى جانب ذلك البحث في النظم المتعددة والمتنوعة في مجال التعليم وأساليبه الجيدة، واهتمام المؤسسات التعليمية في الدول العربية بالعديد من الأساليب المتطورة والأفكار الجديدة في تطوير التعليم، كالاهتمام بتأصيل مهارات القرن الواحد والعشرين لدى الطلاب بالمؤسسات التعليمية في مستوى التعليم العام والجامعي.
وبشيء من التخصيص تم التركيز في فعاليات هذا الحدث على دور التعليم في تعزيز المفاهيم الإيجابية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، بالإضافة إلى التحول الرقمي، والمسؤولية الاجتماعية، والشراكات الوطنية والإقليمية والدولية، وعرض المبادرات والتجارب الناجحة والرائدة في مجال التعليم، التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع إبراز دور تأصيل البحث العلمي في مجال تحقيق النمو المستدام.
وفي ختام الفعاليات، وما تم من مناقشات، اتفق الحضور علي جملة من التوصيات المدرجة في النقاط التالية:
تعزيز وتقوية منظمات المجتمع المدني للقيام بدورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وضع رؤية عامة ونظم تعليمية جديدة ومتطورة لضمان النمو المستدام من أجل مستقبل أفضل للدول العربية.
التأصيل العلمي لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، والإسهام في توجيه التعليم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك لتمكين النمو المستدام في العالم العربي.
دمج مفاهيم وأهداف التنمية المستدامة في برامج ومساقات التعليم المختلفة.
بناء تصور للمشروعات التعليمية الداعمة، إلى جانب دمج مهارات القرن الواحد والعشرين في نظم التعليم العربية؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات والقيم والسلوكيات اللازمة للتصدي للتحديات العالمية التي نواجهها، خاصة فيما يختص بالتغيرات المناخية، وفقدان التنوّع البيولوجي، وغيرها من المشكلات البيئية.
تكاثف جهود المؤسسات التعليمية؛ لإعداد جميع الطلاب والدارسين – على اختلاف أعمارهم – بطريقة تساهم في تنشئة جيل قادر علي اتخاذ القرارات المستنيرة، والإجراءات الفردية والجماعية؛ لإحداث التغيير لضمان النمو المستدام في مجتمعاتنا.
الاهتمام بمدارس التكنولوجيا التطبيقية، ومدارس STEM.
تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجالات البحث العلمي، وتخصص نسبة سنوية من أرباح الشركات للبحث العلمي كلٌّ في مجاله.
غرس الحس الوطني للطلاب، وزيادة الانتماء عن طريق المشاركات الفعالة في حملات التوعية والتنمية.
استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة.
ربط الجامعات بالصناعة؛ لسد الفجوة الكبيرة بين البحث العلمي والمجالات التطبيقية.
دعم اكتشاف الموهوبين والمبدعين من الطلاب في مراحل التعليم المختلفة.
نشر ثقافة البحث العلمي في المؤسسات التعليمية، مع اعتبار المسابقات البحثية التي تتناول قضايا مختلفة في التنمية المستدامة ذات أهمية قصوى في هذا المجال.
تعزيز دور الاستثمار في قطاع التعليم، والاهتمام بالوافدين.
وبشكل عام أكد المشاركون في اختتام المؤتمر على أهمية توطين التنمية المستدامة في منظومة التربية والتعليم، بالإضافة الى التعليم العالي والبحث العلمي، والاستفادة من خبرات الدول العربية التي قطعت شوطاً في هذا المجال.
كما تم الاتفاق على أن تقوم الهيئة الليبية للبحث العلمي بليبيا بالتنسيق مع اتحاد الجامعات العربية، والاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، بمشاركة واسعة من المؤسسات المتنوعة بذات المجال؛ لعقد ندوة علمية حول دمج أهداف التنمية المستدامة في قطاع التربية والتعليم في الربع الأول من العام القادم 2023، بمشاركة إقليمية ودولية للعديد من الدول العربية، وكذلك المنظمات الدولية.