Uncategorized
ما هي أبرز التغيرات بعد أزمة وباء كورونا؟
بقلم: دارين صالح
لا شك بأن فيروس كورونا هو حدث له تداعيات عالمية ضخمة، واعتبر أكبر أزمة عالمية في هذا القرن، وحتى تاريخ كتابة هذا المقال، لا يمكننا ان نحصي تداعياته الانسانية والاقتصادية والسياسية وحتى البيئية.
لقد شل هذا الوباء حياة معظم الناس حول العالم، قضى على حياة الآلاف، عطل الأسواق وفعل العمل الالكتروني عن بعد وألزم الملايين على البقاء في منازلهم والعمل منها، شل حركة التجارة العالمية وأجبر كل بلد يعتمد على منتجاته المحلية، أوقف الطيران، قضى على اقتصاديات كبرى، وكشف عجز كفاءة الحكومات أو انعدامها…. هذا بعض مما سببه فيروس كورونا حول العالم. ووحدها الصين، مصدر هذا الوباء كما يعتقد الكثيرون، تمكنت وبفضل اتخاذها الاجراءات اللازمة والاستفادة من التكنولوجيا ان تحد من تفشي فيروس كورونا على اراضيها.
ما يمكننا الحديث عنه اليوم، هو النظر الى حياه معظم الناس أثناء الازمة حتى نفهم التغيرات التي تنتظرنا بعد تخطيها:
1- التباعد الاجتماعي الاضخم في التاريخ
ألزم وباء كورونا أكثر من مليار إنسان في العالم على البقاء في منازلهم، بسبب اجراءات العزل المنزلي وحظر التجوال لتفادي انتقاله، وتعتبر هذه هي الحالة العالمية الاولى من نوعها التي تطبق بهذا الشكل على مر السنين.
بفضل التكنولجيا بقي العالم متصلا، مما يعني ان بعد انتهاء هذا الوباء سنكون أمام تكنولوجيا اكثر تطورا، وندخل عصر الجيل الخامس من تقنيات الاتصالات اللاسلكية التي تدعم شبكات البيانات الخلوية (5G ).
2- الأنظمة الصحية وتحديات الأمراض المستجدة
لقد أثبت وباء كورونا أن مسببات الأمراض قد تكون ناجمة عن فيروسات مستجدة أو تأثيرات أنظمة الذكاء الاصطناعي أو فيروسات الكترونية أو اشعاعات مستخدمة في الحروب الباردة تطلقها الدول الكبرى على شعوب العالم.
كما أثبتت هذه المحنة العالمية، ان وحدهم العاملين في قطاع الرعاية الصحية الشاملة هم المدافعون الرئيسيون عن حياة الناس. هذه الازمة ستدفع الناس اكثر إلى اعتماد الصحة الرقمية والعلاج عن بعد من خلال استخدام التطبيقات الذكية للعلاج واجراء الفحوصات وغيرها. كما ستنمو وتزدهر اقتصادات شركات الأدوية بشكل ملفت.
3- تفعيل العمل عن بعد والتكنولوجيا الرقمية
لأول مرة تمكنت الدول النامية والمتطورة في آن معا من العمل عن بعد، واستخدام المنصات التكنولوجية لتسيير اعمالها، فهذه الازمة اجبرت البلدان التي لا تملك بنى تحتية ملائمة لتطبيق التكنولوجيا من بذل قصارى جهدها لتصريف اعمالها عن بعد، مما يعني، اننا بعد أزمة وباء كورونا، بتنا ملزمين مواكبة وتطبيق واستخدام كل أشكال التكنولوجيا الرقمية بشكلها الصحيح والفعال في حياتنا اليومية.
وهنا يجب الا ننسى ان الصين وحدها، وقبل الحديث عن ايجاد دواء لوباء الكورونا، تمكنت من الحد والسيطرة على انتشار الفيروس على اراضيها بفضل حسن استخدامها للتكنولوجيا في كل مسارات الحياة (كالروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد…)
4- الازمة ستزيد عدد الفقراء حول العالم
متوسطو الدخل، الفقراء، المياومون كانوا الأكثر تضررا في هذه الأزمة التي ضاعفت اعداد العاطلين من العمل وخلقت حالة البطالة بصفة مؤقتة، وأجبرت العائلات على انفاق ما لديها من مدخرات لتلبية احتياجاتها. في هذه الفترة وحدهم القادرون من تصريف أعمالهم عن بعد تمكنوا من الاستمرار بأعمالهم.
بعد الازمة سيكون معظم الناس أمام استحقاق شخصي وسؤال ماذا سأعمل؟ ما هي مهنتي؟
5- الشركات: أرباح أقل، ولكن أكثر استقرارا
لقد اجبرتنا ازمة وباء كورونا الى إعادة النظر في موضوع الاكتفاء الذاتي وتحديدا الغذائي، في ظل شل حركة الطيران والاستيراد والتصدير، مما سيدفع الدول الى التقليص من مستورداتها وتفعيل دور التصنيع المحلي.
مما يعني ان بعد كورونا ستضعف قوة الدول التي تسيطر اليوم على اسواق الإنتاج العالمية وتصبح اكثر ميلا نحو الاكتفاء الذاتي.
6- عالما أقل انفتاحا وأقل حرية
لقد خفضت هذه الازمة الانشطة الاقتصادية في العالم وزادت نسب التوتر في معظم البلدان وتحديدا في أوروبا. وبالتالي، من الممكن ان تقلل أزمة كورونا القدرة الإنتاجية للاقتصاد العالمي، مما سيؤدي إلى عدم الاستقرار ونزاع واسع النطاق داخل البلدان وعبرها.
7- كشف عجز كفاءة الحكومات أو انعدامها
ان أزمة وباء كورونا العالمية، كشفت عن عدم التضامن الدولي وعدم القدرة على إطلاق خطة طوارىء دولية لاحتواء الأزمة. كما برهنت ان المؤسسات الدولية الموجودة أصلا والتي دورها مساعدة الدول المتعثرة في ازماتها هي نفسها عاجزة أمام تداعيات أزمة كورونا الصحية الاقتصادية الاجتماعية والسياسية…
في ظل أزمة الوباء، معظم الحكومات حولت اهتمامها نحو شؤونها الداخلية فقط، فعاد المهاجرون وأقفلت أبواب الهجرة التي كانت فرصة للعالم للهروب من أزماتها…
ما بعد أزمة وباء كورونا لن يكون أبدا كما قبلها، ستصبح كل دولة منشغلة في وضع استراتيجياتها وتحديدا الصحية والاقتصادية والصناعية بمعزل عن التبعية لأي دولة أخرى.