صحة
ألغاز كورونا السبعة التي فشل العلماء في حلها
رغم حشد أغلب دول العالم لجهودها لمواجهة فيروس كورونا، فإن هناك مسائل غامضة حول الفيروس مازال العلماء لا يجدون لها إجابات شافية أو حلولاً قاطعة.
ومضت 6 أشهر منذ تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا المستجد “سارس كوف 2” المسبب لمرض “كوفيد-19” في الصين، وانطلق العلماء في رحلة لفكّ ألغاز الفيروس، ونجحوا في ذلك جزئياً، لكن ما زالت هناك أمور غامضة تعرقل جهود مكافحة الفيروس، حسبما ورد في تقرير لموقع الجزيرة.
في هذا التقرير نرصد 7 أمور غامضة ما زالت موضوع نقاش بين العلماء دون أن تُحسم حتى الآن.
1- مصدر العدوى.. كل الناس أم الناشرون الفائقون؟
في البداية، كان الاعتقاد سائداً بأن كل شخص مصاب بالفيروس يمكنه نقل العدوى من شخص إلى ثلاثة، لكن نتائج تتبّع انتشار العدوى في المناطق الموبوءة في العديد من البلدان فاجأت الأطباء؛ لأنها كشفت أنه ليس كلُّ شخصٍ مصدرَ عدوى، وإنما فقط مَن أطلق عليهم الإعلام “الناشرون الفائقون” (Superspreader).
لكن لماذا هؤلاء ينشرون العدوى أكثر من غيرهم؟ الجواب عن هذا السؤال لم يتوصل إليه الأطباء بعدُ، وإلى أن يُكشف الغطاء عن هذا اللغز العلمي يُشدِّد الخبراءُ على ضرورة تجميد جميع الأنشطة ذات الحضور البشري الكثيف، مثل مباريات كرة القدم، والحفلات الموسيقية، وغيرها.
2- الأطفال، من حسن الحظ أن احتمال إصابتهم نادر، ولكن لماذا، وهل ينقلون العدوى؟
أول ما لاحظه الأطباء عند ظهور وباء كورونا أن إصابة الأطفال به نادرة مقارنة بالبالغين، وكانت هناك مخاوف من أن يكون الأطفال هم ناقلي العدوى، خاصةً إلى الجَدات والأجداد.
اليوم لا يبدو أن الأطباء توصلوا إلى معارف قطعيّة فيما يخص الأطفال، فكمية الفيروسات التي تم رصدها لديهم تساوي تلك المسجلة لدى البالغين. ولم يُعرف بعدُ هل يُطوّر الأطفال مناعةً ضدَّ الفيروس إذا ما أصيبوا به، وما مدى هذا التطوير؟
غير أنّ دراسات أُجريت مؤخراً تحت رعاية قسم الأوبئة بمستشفى “شاريتيه” في برلين، أظهرت أن الأطفال دون 12 عاماً أقل عرضةً للإصابة بالمرض، ونادراً جداً ما ينقلون العدوى إلى البالغين. وفي ضوء هذه النتائج قرَّرت العديدُ من الولايات الألمانية فتحَ أبواب المدارس الابتدائية لاستقبال التلاميذ في الأسابيع الأخيرة، قُبيل بدء العطلة الصيفية.
3- أعراض فيروس كورونا تختلف أحياناً من دولة لأخرى
حوالي 80% من حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد تمر بسلام وبأعراض طفيفة إلى متوسطة. وهناك حالات إصابة لم يشعر أصحابها بأي شيء على الإطلاق، لكن النسبة المتبقية من الحالات تعاني أعراضاً خطيرة يمكنها أن تنتهي بفشل الأعضاء كالقلب أو الرئتين أو الكليتين، وبالتالي الوفاة، بل إن الفيروس قد يهاجم أيضاً الأطراف والدماغ والأنف والحلق والأمعاء.
والحالات الأكثر شيوعاً هي الالتهاب الرئوي الحاد، بينما في إسبانيا سجلت نسبة كبيرة من أعراض تلف في الجهاز العصبي. ويحتاج المرضى عادة إلى 4 أسابيع على الأقل للتعافي. أما الأمراض والأعراض الطويلة المدى أو المستديمة الناجمة عن المرض فلا يزال الأطباء متحفظين عن ذكر تفاصيل بهذا الخصوص؛ لأن الدراسات السريرية حول ذلك لا يمكن الانتهاء منها بعدُ بسبب المدة القصيرة نسبياً من تاريخ الفيروس.
4- تحوُّر الفيروس.. الإجابة إيطاليا
ربما يُفسر تحوُّر جينيٌّ لفيروس كورونا، يزيد بدرجة كبيرة قدرته على إصابة الخلايا بالعدوى، سببَ انتشار المرض في شمال إيطاليا ونيويورك على نطاق أوسع مما لوحظ في وقت سابق خلال الجائحة.
ويقول علماء في مركز أبحاث “سكريبس” بفلوريدا إن الفيروس المتحور قلّما كان يلاحظ خلال مارس/آذار الماضي، إلا أنه كان ملحوظاً في حوالي 65% من الحالات التي تم إخطار قاعدة بيانات بنك الجينات بالمعاهد الوطنية للصحة في أمريكا بها من مختلف أنحاء العالم.
وتوصل الباحثون المشاركون في الدراسة إلى أن هذا التحور الذي أُطلق عليه اسم “دي614 جي”، أدَّى إلى زيادة عدد النتوءات الشوكية التي يستخدمها الفيروس في الالتصاق بالخلايا واختراقها، وجعل هذه النتوءات أكثر استقراراً. وفي التجارب المعملية كان الفيروس المتحور أكثر كفاءة نحو 9 مرات في اختراق الخلايا وإصابتها بالعدوى.
5- هل يفقد الفيروس قوته في بعض الفصول؟
وبينما يواصل فيروس كورونا تفشّيه، يُلاحَظ أن قوة انتشار هذا الوباء تراجعت نوعاً ما بالمقارنة مع ظهوره لأول مرة في الصين، فهل يختفي مع حلول فصل الصيف تماماً كإنفلونزا موسمية عادية؟
وبعد ثلاثة أشهر، يعيد التراجع العام للإصابات المسجلة في أوروبا، نهاية فصل الربيع، إلى الواجهة فرضية كون فيروس كورونا المستجد “موسمياً”.
لكن هذه الفرضية يصعب التحقق منها على حد قول أخصائي الأمراض المعدية بيار تاتفان في تصريح لصحيفة “دويتشه فيله” قال فيه “كان العزل تاماً عندما كانت ترتفع درجات الحرارة وأشعة الشمس في فرنسا وأوروبا”، وبالتالي يصعب التمييز بين تأثير المواسم وآثار العزل على التباطؤ الحالي للوباء.
وأضاف الطبيب أن “هناك معايير عديدة يجب أن تؤخذ في الاعتبار، وبالتالي لا نعرف ما له صلة بالمناخ أو الموسم أو تيقظ الناس”.
وخلصت دراسة أعدها باحثون من جامعة برينستون الأمريكية، في مايو/أيار الماضي نشرت في مجلة “ساينس”، إلى أنه كان للمناخ تأثير ثانوي على تفشي الفيروس عند بداية ظهوره. وتقول المشرفة على الدراسة رايتشل بايكر إن “الفيروس يتفشَّى بسرعة مهما كانت أحوال الطقس”.
6- فيروس بكين.. هل هو سلالة جديدة؟
فاجأت العاصمة الصينية بكين العالم، بإعلانها عن موجة جديدة من الفيروس.
ولكن الأخطر، ما أعلنه يان تشانزو، البروفيسور في كلية الطب بجامعة ووهان، من أن سلالة الفيروس المستجد التي اكتشفت حديثاً بسوق سينفادي في بكين أكثر عدوى من تلك التي انتشرت من مدينة ووهان.
وقال تشانزو: “خلال عملية التطور، يمكن أن تزيد قدرة عدوى الفيروس أو تنخفض، لكنني أعتقد أن فيروس كورونا الذي عثر عليه في سوق سينفادي أكثر عدوى من الفيروس الذي كان في سوق هوانان في ووهان”.
7- ماذا لو لم نجد لقاحاً أو علاجاً لكورونا؟
هناك احتمال كبير لعدم ظهور لقاح فعال لفيروس كورونا. وفي تقرير نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، قالت الكاتبتان هيذر كات وأربانا فيرما إنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى علاج فعال لفيروس “كوفيد-19″، حتى إن النتائج الأولية للتجارب السريرية للأدوية المعاد استخدامها كانت مخيبة للآمال.
وعلى الرغم من تصريح بعض البلدان باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات في حالات الطوارئ، فإن فاعليتها كانت محدودة، حيث قللت من امتداد فترة المرض بنحو 30%، ولكن لم يكن لها تأثير مؤكد على منع الوفاة.
كما وجدت تجربة سريرية أُجريت مؤخراً حول بلازما الدم المستخدمة في علاج المرضى المصابين بكورونا، المهددين بالموت، بسبب حالاتهم الخطيرة، أنها لم تساعد المرضى على التحسن بشكل أسرع مقارنة بالعلاج الأساسي.
ولا يزال هناك الكثير من العقبات التي يجب التغلب عليها قبل أن يكتشف لقاح فعال يوفر مناعة دائمة، ويمكن أن يرسل إلى مليارات الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
ولذلك ينبغي علينا أن نتجهّز لاحتمال عدم ظهور لقاح أو علاج آمن وفعال. وقد يتعيَّن علينا ببساطة أن نتعلم كيفية التأقلم مع فيروس كورونا، ولكن كيف ستبدو هذه الحياة؟
في الحقيقة، من المرجح أن يمر العالم بفترات ذروة وانخفاض في مرحلة ما من العدوى، إلى جانب نمط موسمي وتفشٍّ موضعي يتطلب استجابة أكثر دقة من الاستجابة الحالية لعمليات الإغلاق على مستوى الدولة.
وحتى الآن، تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا عالمياً 8 ملايين، وهذا يدل على أن الغالبية العظمى من الناس لم يصابوا به، أي أننا أبعد ما يكون عن تحقيق ما تسمى مناعة القطيع.
بعبارة أخرى، تتطلب مناعة القطيع تمتع حوالي 60% من سكان العالم البالغ عددهم 7.58 مليار بالمناعة، أي حوالي 4.55 مليار شخص. ولكن في الوقت الحالي لا يزال العلماء غير متأكدين من مدى استمرارية هذه المناعة.
وقد يؤدي عدم اكتشاف لقاح أو علاج إلى عواقب مثل تعطيل التدخلات الأخرى للصحة العامة، على غرار تلقيح الأطفال، والتي قد تتسبب في تفشي الأمراض المعدية الأخرى. وقد أثيرت بالفعل مخاوف بشأن ارتفاع أعداد حالات الاختناق والكوليرا والحصبة وشلل الأطفال.
كما قد يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى التأخير في تلقي العلاج من الأمراض غير المعدية، ما يقود إلى تدهور الصحة على المدى الطويل والموت المبكر، إذ شهدت العديد من البلدان انخفاضاً في عدد الأشخاص الذين يتوجهون إلى المستشفى في حالات الطوارئ، مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية.
وقد يستمر تأخر تشخيص وعلاج السرطان، حيث يحاول الأطباء الموازنة بين خطر تأخر العلاج وبين تقليص عدد الإصابات بفيروس “كوفيد-19” أثناء العلاج.
أيضاً وبحسب الكاتبتين، إذا كان ممكناً القياس على تفشي فيروس سارس، فالمرجح أن نشهد ارتفاعاً هائلاً في اضطرابات الصحة العقلية نتيجة تفشي “كوفيد-19”. ويصف مؤلفو دراسة متابعة استمرت 4 أعوام للناجين من وباء سارس، بأنه كارثة صحية عقلية ومصيبة بيولوجية لها آثار مماثلة لكوارث كبرى أخرى.
وعانى الناجون من تفشي السارس من ارتفاع مستويات الأمراض العقلية واضطراب ما بعد الصدمة، بسبب مجموعة من العوامل، بما فيها الفترات الطويلة التي قضوها في عزلة عن العائلة والأصدقاء، وعدم اليقين الشديد والشعور بالتهديد على حياتهم أثناء مرضهم.
المصدر: عربي بوست