فن ومشاهير
البيئة الشامية ترتدي حلّة القرن الماضي في “مَربى العزّ” على MBC و”شاهد” في رمضان
تروي الحكاية قصص ثلاث حارات هي حارة الورد، المشرقية، والعسلية. لكل حارة زعيم، وأحداث مشوقة مليئة بالاثارة.
الخيانات والغدر والجرائم والقهر، إلى جانب قصص الحب والوفاء والشهامة وغيرها من القيم تلوّن الأحداث وتضفي عليها طابعاً من الأصالة ضمن قالب درامي مليء بالتشويق والإثارة.
“مَربى العزّ” كتابة علي معين صالح وإخراج رشا شربتجي. بطولة محمود نصر، عباس النوري، أمل عرفة، سوزان نجم الدين، خالد القيش، نادين تحسين بك، فادي صبيح، كرم شعراني، فايز قزق، أسامه الروماني، نادين خوري، سوزانا الوز، جرجس جبارة، حسن خليل، أنس شربك، ابراهيم شيخ وآخرين.
محمود نصر
يستهلّ محمود نصر كلامه بالحديث عن الشخصية التي يقدمها، فيقول: “ألعب دور شاب ظلمته الحياة، عاش طفولته كلها لايعرف إذا كان له أهل، ولكن بالرغم من الظروف القاسية التي تعرّض لها طوال حياته، لم يستغنِ يوماً عن كرامته وشهامته ومبادئه وقيمه، ولم يسمح للحياة بأن تكسره، إذ لديه إرادة صلبة وقلب قوي للتغلب على المصائب والوصول إلى هدفه… ويستطرد نصر: “لا يرتبط مُسمّى ابن العزّ بالطبقة الاجتماعية أو بالحالة المالية لمن يُطلق عليه هذا اللقب، فابن العزّ هو من تنطبق عليه المواصفات الأخلاقية من قوة وصلابة في الحق وتمسك بالقيم النبيلة. تلك الصفات تصاحب الشخص منذ الولادة، فهي مُرتبطة بالمورّثات.. فأبناء العزّ يُعرفون بطباعهم وتصرفاتهم وردود أفعالهم وفلسفتهم في الحياة وتمسّكهم بمنطق الخطأ والصواب والحلال والحرام. تلك الصفات النبيلة تجعل من أبناء العزّ أكثر شهامةً وارتباطاً بالأخلاق والمبادئ مهما عاندتهم الحياة وحاولت الظروف أو البيئة أن تكسرهم أو تذلّهم”. ويتابع نصر: “تُظهر أحداث العمل في مجرياتها أن ابن العزّ لا يسعى إلى الانتقام ممن ظلمه بقدر سعيه إلى إظهار الحق”. ويُسهب نصر قائلاً: “نرى في حياتنا أن بعض مَن تعرضوا للظلم في طفولتهم قد يصبحون ناقمين على الحياة بعد نضجهم، وقد يحمل بعضهم طاقة سلبية تجاه الناس. أما الشخصية التي أقدمها فهي عكس ذلك تماماً، فعلى الرغم من أنها عاشت طفولتها وشبابها في ظروف لا إنسانية بالمطلق، ولكنها تأبى الإنحدار إلى ذلك المستوى. قد تختصر هذه الشخصية نبل المدينة التي تنتمي إليها من الناحية المجازية، فهي تحمل قيَم دمشق وأصالتها.. لذا يطلق على هذا النمط من الشخصيات في البيئة الشامية لقب ابن الشام”. وحول ارتباطات الشخصية بالشخصيات الأخرى في العمل يوضح نصر: “هناك مجموعة من الأشخاص الذين تشاركوا معه في الشقاء وعاشوا نفس الظروف، فأصبحوا نتيجة ذلك أخوة بالدم إن جاز التعبير.. هؤلاء من يرتبط بهم ارتباطا ًوثيقاً ويعتبر نفسه مسؤولا ًعنهم كأخٍ كبير ومُرشد وناصح، فنراه يحيطهم بعطفه ودعمه في سعيٍ منه للحفاظ عليهم من الإنجراف نحو الخطأ أو الإنحراف إلى ممارسات قد تجرّهم إليها ظروفهم القاسية”. ويشدد نصر على ارتباط الشخصية التي يقدمها بالشيخ مالك (عباس النوري) ارتباطاً قوياً لدرجة يمكن معها تسمية الشيخ مالك مجازاً بالعرّاب، فهو من ينتشله من الشارع الذي وُجد فيه بلا أهل أو عائلة أو مأوى، وهو من يعطيه اسماً ويمنحه هوية”. أخيراً وليس آخراً، يتطرق نصر إلى تعاونه مع المخرجة رشا شربتجي: “هذه المرة الأولى التي أعمل تحت إدارتها، وقد أحببت التجربة جداً، فهي تعرف ما تريده من المادة الدرامية ومن الممثل، وتعرف كيف تتعامل مع النص بطريقة تُسخّر ضمنها العدسة الإخراجية لخدمة النص لا العكس، فهي ترفض تطويع النص لينصاع إلى عدسة المخرج وهنا تكمن حرفية رشا شربتجي في هذا الجانب، ناهيك عن أسلوبها المميز على صعيد قيادة الممثلين واهتمامها بالتفاصيل. هي باختصار اسم غني عن التعريف ومن المخرجين الذين نفخر بالعمل معهم.”
عباس النوري
يتحدث عباس النوري بدايةً عن العمل، موضحاً أن “مربى العزّ” يختلف عن معظم أعمال البيئة الشامية التي سبق له وأن شارك فيها أو قرأها، ويضيف: “الاختلاف من حيث طبيعة السردية التي يطرحها المسلسل لحكايا تدور أحداثها في زمن معين داخل الشام. الغاية من تلك الحكايا هي إبراز مجموعة من القيَم الروحية التي يحتاجها الإنسان في كل زمان ومكان على غرار الصدق والأمانة والشرف وغيرها من الصفات النبيلة التي تُبنى عليها شخصية الإنسان العربي في مجتمعاتنا الشرقية عموماً.” ويستطرد النوري: “تختزل الشام في بعض حكاياها تلك القيَم، لذا سيكون “مربى العز” بمثابة عمل مختلف جداً وقريب من القلب”. وحول تعاونه مع المخرجة رشا شربتجي يقول النوري: “السحر لا يكمن فقط في كاميرا رشا شربتجي بل في كيمياء أفكارها، فقد استفادت من كل تجاربها السابقة وسخرتها في هذا العمل الصعب فعلاً، فصناعة دراما البيئة الشامية هي صناعة صعبة وقد تصدّت المخرجة رشا شربتجي لهذه المهمة بكفاءة عالية في إدارة حكايا متنوعة تهدف إلى إبراز القيم الراقية في البيئة الشامية، في موازاة تسليطها الضوء على مشهدية الشام العتيقة بأدق تفاصيلها.”
من جانبٍ آخر، يشيد النوري بعرض العمل على شاشات MBCومنصاتها، التي يعتبرها نافذة كبيرة تطل من خلالها الشام وحكاياها على العالم العربي بأسره، على حدّ وصفه، وهو أمر لطالما أحبه الجمهور واشتاق لمشاهدته”. وحول الشخصية التي يقدمها في المسلسل يقول النوري: “ألعب شخصية الشيخ مالك، وهو رجل دين استثنائي لا يندرج تحت نمط درامي اعتاد تقديم رجال الدين بطريقة نمطية أو أُحادية الجانب في الكثير من أعمال البيئة الشامية. الشخصية جديدة بالنسبة لي، وقد وجدتُ فيها اختلافاً جوهرياً عن الجانب التقليدي لشخصية الشيخ أو رجل الدين في الحارات الشامية”. ويستطرد النوري: “المميز في شخصية الشيخ مالك أنه يعلب دوراً محورياً في صناعة الأحداث ولديه قصة شخصية ذات بُعد إنساني جذاب جداً، وأعتقد أنها المرة الأولى التي تدخل فيها الحكاية الشامية إلى بيت الشيخ لنتعرّف على جوانب مختلفة من شخصيته، فهو ابنٌ لإحدى العائلات ونتابع خلال الأحداث علاقته بوالده ووالدته وشقيقه، ونطّلع على عواطفه ونفسيته وندخل في المشكلات التي يواجهها في العمل الذي يقوم به بعيداً عن كونه رجل دين، فالشيخ مالك لا يترزّق من كونه رجل دين بل لديه مهنة أخرى يزاولها. والأهم هو الاختبار الذي يجد نفسه فيه حين يواجه مشاعر الحب الذي يظهر في حياته. باختصار الشيخ مالك هو الصندوق الأسود لكل حكايا مربى العزّ رغم تعدد تلك الحكايا وتنوّع مجالاتها”.
أمل عرفة
تتطرّق أمل عرفة إلى الدور الذي تلعبه في المسلسل، فتقول: “أقدم شخصية ملكة، وهي شخصية بسيطة جداً ولكنها في الوقت نفسه تتمتع بذكاء فطري حاد. قد تدفعها بساطتها أحياناً لقول ما قد يتسبب بأزمات، ولكن بحنكتها وذكائها الفطري تتمكن من تحويل تلك المشكلات إلى حلول، وهي شخصية يندر أن نراها في تلك الحقبة الزمنية أو حتى في أيامنا هذه، فمزيج البساطة مع الذكاء في موازاة القوة الكامنة هو عملة نادرة، ولا أعتقد أن نموذجاً من هذا النوع سبق تقديمه في أعمال البيئة الشامية.” وتضيف عرفة: “نتعرف من خلال ملكة إلى شخصية سيدة الأعمال بمفهوم ذلك الزمن، ورحلة الصعود التي تخوضها من الصفر، فـ ملكة لديها أجندتها الخاصة في عالم الأعمال – إن جاز التعبير- وقد وضعت لنفسها هدفاً تسعى جاهدةً للوصول إليه بنجاح، حتى وإن كانت غير متعلمة، ومن هنا تبرز فرادة هذه المرأة”. وتستطرد عرفة: “لدى ملكة جانباً مشاغباً، ولكن ليس لديها جانباً شريراً في شخصيتها، فهي شخص يصعب كسره، ولديها مقولة ترددها دائماً باللجهة الشامية “ما بيأثّر” ومعناها أن لا شيء يمكن أن يؤثّر في عزمها على تحقيق ما تريد، فضلا ًعن كونها تأخذ كل الأمور ببساطة، فقد وجّهت كل ما تملكه من ذكاء فطري لفعل الخير ولبناء حياتها وتحقيق أهدافها المهنية والوصول إلى طموحها رغم الصعاب التي تواجهها ورغم بدايتها المتواضعة وفقرها”. تصف عرفة علاقة شخصية ملكة بالشيخ مالك: “العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل والذي يتطور لاحقاً إلى ثقة متبادلة أيضاً، فعندما يواجه الشيخ مالك موقفاً صعباً نراه يرسل لـ ملكة طالباً مساعدتها في كثير من الأمور”. وحول تعاونها مع المخرجة رشا شربتجي توضح عرفة أن لكل مخرج أدواته ومفاتيحه في العمل، ولكن تواصلها مع رشا شربتجي مبني على الفهم المتبادل والتناغم الحاضر باستمرار، وتسترسل قائلة: “أصبحتُ قادرةً خلال التصوير على معرفة ما تريد رشا قوله حتى قبل أن تتلّفظ به، فثقتي بها كبيرة، وهي تمنح من يعمل معها شعوراً بالثقة النابعة من كونها شخصياً مخرجة واثقة من أدواتها ورؤيتها وتعمل بصمت ولديها نار كامنة تحرّكها بالمعنى المجازي، لذا فهي قادرة على تسخير حيويتها وحماستها وما تحمله من ديناميكة وشغف في الاتجاه الدرامي الصحيح ولمصلحة العمل والممثلين على حدٍّ سواء”. وتختم عرفة مشيدةً بعلاقتها الطويلة مع MBCعبر مجموعة من البرامج والمسلسلات الناجحة خلال السنوات الماضية، معتبرةً تواجد “مربى العزّ” كذلك على منصة “شاهد” بمثابة إضافة كبيرة”.
سوزان نجم الدين
تقول سوزان نجم الدين عن المسلسل: “الأعمال التي تجذبني هي الأعمال المختلفة التي تقدم ما هو جديد، تلك الأعمال التي تتكامل فيها عناصر النجاح، وقد أحببت أن أكون جزءاً من هذا العمل الجميل كونه يجمع كل تلك العناصر معاً”. وتضيف نجم الدين: “لطالما أحببت أن أكون جزءاً من البيئة الشامية، وهذه ليست المرة الأولى التي يُعرض عليّ دور في مسلسل شامي. لذا فقد كنت سعيدة بارتداء عباءة البيئة الشامية وخاصة مع هكذا مستوى راقٍ من الإنتاج والإخراج والجهة العارضة (MBC)، إلى جانب جودة النص والقصة والكادر الفني المتكامل”. وتضيف ممازحةً: “أتمنى أن يحب الجمهور الشخصية التي أقدّمها وإن كانت مليئة بالشر!” وتستطرد نجم الدين: “ألعب شخصية جواهر، التي تمثّل الشر بحد ذاته، وإن كانت لم تولد شريرة بالمطلق، ولكن التنّمر الذي تعرضت له في حياتها ولّد لديها هذا الشر النابع على ما يبدو من الرغبة في الانتقام. هي باختصار محرّك للشر ضمن مجريات الأحداث، ولعلّ مشكلتها الكبرى تكمن في أنها غير قادرة على التسامح”. وتختم نجم الدين مشيدةً بالتعاون مع المخرجة رشا شربتجي، التي تمنحها إحساساً بالأمان، على حسب وصفها، لعلمها أنها قادرة على توجيهها إلى المكان الصحيح درامياً، واكتشاف قدرات كامنة في أدائها، وإبرازها في شخصيات مختلفة عن تلك التي سبق وأن قدّمتها.
المخرجة رشا شربتجي
تشدّد المخرجة رشا شربتجي على أن “أعمال البيئة الشامية هي أعمال خاصة تستحق أن يكون لها إنتاج ضخم وأن نهتم بكل تفاصيلها كالديكور، الأزياء، الغرافيك، في موازاة القصة والسيناريو والحبكة وطبعاً أداء الممثلين”. وتضيف شربتجي: “أن يُعرض العمل على قناة كبيرة مثل MBC ومنصة هامة كـ “شاهد” يمنح العمل قيمة مضافة بالطبع، وقد حاولنا من خلال الكاتب علي معين صالح أن نعمل على بناء سيرة بطل شعبي (محمود نصر)، بالإضافة إلى خلق شخصيات مميزة ولها خصوصية درامية وبُعد إنساني حقيقي وجانب روحي وعمق وجداني مثل شخصية الشيخ مالك (عباس النوري) وكذلك شخصية ملكة (أمل عرفة) وجواهر (سوزان نجم الدين) وغيرهم من الشخصيات”. وحول تعاملها مع أدوات ومفاتيح البيئة الشامية في تلك الحقبة الزمنية وتحديداً عام 1900 لناحية الصور والمشهدية، توضح شربتجي: “حاولنا أن نبحث جيداً في تفاصيل تلك المرحلة على مستوى الأماكن والملابس والأدوات والمفردات وغيرها من العناصر، كما حاولنا أن نرى تلك الحقبة بعين جميلة ونعكس ذلك للجمهور من خلال تصويرنا في أماكن حقيقية في دمشق، تعكس طبيعة السكان في تلك الأحياء وحالتهم المعيشية سواءً أكانت فقيرة أم متوسطة أم غنية، وأتمنى أن نتمكّن من الوصول إلى قلوب المشاهدين فالعمل الرمضاني من هذا النوع يجب أن يتمتع بمواصفات معينة تتضمّن جرعة مضاعفة من الميلودراما الغنية بالمشاعر الإنسانية”.