ثقافة

جو قديح يرفع الستارة

Published

on

جوزيفين حبشي

“رِجِع “جو قديح ..لليلة واحدة . “وراجع” جو قديح للعمر المقبل ، الى المسرح الذي هو بالنسبة له ولكل مسرحي، رمز للحياة . راجع جو قديح مثل لبنان يتعمّر، راجع مثل لبنان بعد تجارب قاسية، شخصية ومهنية وصحية، رفض خلالها مثله مثل كل اللبنانيين ، أن يسدل الستارة. رفض مثله مثل لبنان أن يستسلم، فقرر ان يعالج نفسيته في اهمّ عيادة طب نفسي وأكثرها تخصصا وقدرة على شفاء الروح والجسد: خشبة المسرح. عاد ليعزف على وتر الحنين والحقيقة، مستعينا بوتر موسيقى معايشات شخصية وواقعية، ونوتة بيانو طبيب الروح ، المايسترو بسّام شليطا، وصدق من قال “الموسيقى شفاء للروح”.


عاد جو قديح بعد غياب استمر خمس سنوات، عاد الى مسرح كازينو لبنان، عاد ليتنفّس بعدما خنقه ثاني اوكسيد كربون الازمات الاقتصادية والنفسية والحروب الوطنية المُعلنة والمحاربات من ” الكواليس” المظلمة، التي لا تكتفي بتسميم الروح، بل والجسد ايضا . عاد للوقوف وحده على المسرح بعدما حاولت عوامل عديدة جعله مقعدا. عاد مستعينا بالموسيقى، ليشفي نفسه ويستعيد ذكرياته وافراحه واوجاعه، مع ذكريات وطن البسمة والدمعة، الفرح والحزن، اليأس والأمل، الهجرة والعودة ، الانكسار والانتصار .


عاد جو قديح من خلال مسرحية بعنوان ” القصة كلها” ، عاد ليروي لنا قصته وقصتنا كلنا ، عاد مع الستاتد اب كوميدي الذي اعتبره انا شخصيا من اصعب انواع المسرح، فلا وسائل دعم للفنان سوى نفسه. لا ديكور ولا مؤثرات ولا ممثلون بأدوار أولى او مساندة. فقط هو، عائد وواقف في وجه الريح ، وكل ما يهمّ هو ما سيقوله على مدى ساعة ونصف ، ليأسر انتباهنا، ليرفع حماستنا، ليفجّر قهقهاتنا، ليحرّك غصة حنين الدمع في عيوننا، ليعيدنا الى طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا واوجاعنا المزمنة، واحلامنا الضائعة التي نتشبث بها في محاولة دائمة لإعادتها وجعلها تقاوم ولا تستسلم، مثلنا جميعا نحن اللبنانيون. عاد ليجعلنا نقف، ونصلّي النشيد الوطني اللبناني في منتصف عرض حياته، فنحن لا ندرك اهمية الوطن في البدايات، نحن نحتاج لعمر من الفرح والحزن والازدهار والانكفاء ، والمرض والشفاء، والهجرة والغربة والعودة لندرك قيمة الوطن.

عاد جو قديح لليلة واحدة، والعودة المبللة بالحنين لمرة واحدة الى الحياة، على خشبة مسرح او وطن ، مغرية الى درجة جعلنا نرفض الاستسلام. عاد جو قديح، ولن يعود إطار الصورة فارغ بعد الان، ولن نضع فيه لباس نوم ، هو رمز لهرب من مسؤولية مواجهة الحياة بكل شجاعة رغم المعوقات. عاد جو قديح واهلا بعودته وعودتنا معه الى الأمل بالحياة… لتفتح الستارة من جديد.

تصوير وديع شلنك

Advertisement
Exit mobile version