All around magazine

نهج جديد يُجسّد الذكاء الاصطناعي في العالم المادي ويُمكّن الروبوتات من تعلّم المهارات المعقّدة بسرعة

Published

on

نائب رئيس الجامعة للأبحاث البروفيسور سامي حدادين يشارك في ورقة بحثية نشرته في دورية نيتشر لذكاء الآلة” تُمثل قفزة نوعية قد تُمهّد لجيل جديد من الأتمتة المتطورة في قطاعات التصنيع واللوجستيات والرعاية الصحية وغيرها

 

في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة الابتكار، ما تزال الروبوتات تواجه تحديات في تنفيذ المهام الدقيقة التي تتطلب استشعاراً لمسياً، مثل إدخال الوصلات أو التعامل مع المواد المرنة. لكن ذلك على وشك أن يتغيّر بفضل إنجاز ثوري جديد يُعرف باسم “المهارات اللمسية” (Tactile Skills).

وقد نجح البروفيسور سامي حدادين، نائب الرئيس للأبحاث وأستاذ الروبوتات في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع طالبه السابق الدكتور لارس يوهانسماير، والدكتور يانان لي من جامعة ساسكس، والبروفيسور إتيان بورديه من كلية إمبريال لندن، في إنجاز دراسة بحثية نُشرت في دوريةنيتشر لذكاء الآلة” في 23 يونيو، تُمهّد الطريق أمام تحوّل جوهري في الذكاء الاصطناعي الفيزيائي.

تُقدّم الورقة البحثية إطار عمل مبتكر في مجال الذكاء الاصطناعي المادي، تحت مسمى “المهارات اللمسية”، وهو إطار عملي يستند إلى أسس علمية متينة، وقابل للتوسّع، تم استلهامه من المنظومة العصبية البشرية، ومن أساليب التدريب المهني اليدوي. ويقوم هذا الإطار المبتكر على تصنيف منهجي دقيق يعتمد على مواصفات عملية يضعها الخبراء، ويمكن اعتباره نظام تدريب مخصّص للروبوتات، يتيح لها تعلّم مهارات بدنية جديدة بسرعة وإتقان.

Advertisement

وفي هذا السياق، أوضح البروفيسور حدادين أن إطار العمل الجديد يسهم في تقليص الفجوة بين الخبرة البشرية والقدرات الروبوتية، مضيفاً: “ومن المدهش أن نشهد روبوتات تتقن مهامًا معقّدة بدقّة عالية وبقدرة غير مسبوقة على التكيف. ولا يعتبر الإنجاز تطوراً تدريجياً عادياً، بل قفزة نوعية تمهّد لأتمتة عملية تؤثّر فعليًا في حياتنا اليومية.”

وتجدر الإشارة إلى أن إطار العمل الجديد قد خضع لاختبارات مكثّفة شملت 28 مهمة صناعية متنوعة، من بينها عمليات دقيقة مثل إدخال المقابس والقَطع الدقيق. وكانت النتائج استثنائية، إذ بلغت معدلات نجاح قاربت 100%، حتى في الحالات التي تعرّضت فيها الروبوتات لتغيّرات مفاجئة في مواضع الأجسام أو في ظروف البيئة المحيطة. ولم يقتصر نجاح الروبوتات على إنجاز مهام الاختبار فحسب، بل نجحت أيضاً في إكمالها بسرعة عالية ودقة تكاد تخلو تماماً من الخطأ.

ومن المزايا الفريدة لهذا النهج، عدم اعتماده على التعلّم العشوائي أو مجموعات البيانات الضخمة التي تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، كما في نماذج التعلّم الآلي التقليدية؛ بل يقوم على دمج المعرفة العملية التي يقدّمها الخبراء مع وحدات تحكّم لمسية قابلة لإعادة التهيئة حسب الحاجة، ما يبسّط عملية التعلّم بشكل كبير، ويُقلّل استهلاك الطاقة، ويُحسّن الأداء مقارنة بأساليب التعلّم العميق.

ومن بين أبرز تطبيقات هذا الإطار، النجاح في تجميع جهاز صناعي معقّد يُستخدم في مصانع تعبئة الزجاجات، في خطوة تُبرهن على جاهزيته للتطبيق الفعلي في البيئات الصناعية الواقعية. ومن خلال الربط المنهجي بين الخبرات البشرية والتعلّم الروبوتي، يتيح هذا النموذج للمشغّلين، حتى وإن كانوا لا يمتلكون خلفية تقنية متقدّمة، قدرة على تفعيل الروبوتات بسهولة لتنفيذ طيف واسع من المهام، مما يُسرّع وتيرة الإعداد والتجهيز ويحدّ من التكاليف.

وأضاف حدادين: ” يُشكّل هذا البحث نقلة نوعية على طريق تعميم الأتمتة، حيث نشهد اليوم تحوّل الروبوتات من أدوات متخصّصة إلى مساعدين مهرة قادرين على التكيّف، ليصبحوا وكلاء للذكاء الاصطناعي المادي. والآن، أصبح بإمكان القطاعات الصناعية أن تتوقع الوصول إلى أتمتة أكثر شمولًا للمهام اللمسية المعقّدة، بما يُحقق قفزة في الكفاءة والسلامة وقابلية التوسّع”.

Advertisement

وختم بقوله: “لا تتوقف أهمية هذا الإنجاز عند تحسين أداء الروبوتات فحسب؛ بل تصل إلى توسيع آفاق الإمكانات في مجال الأتمتة، وجعل المهارات الروبوتية الموثوقة ومتعدّدة الاستخدامات متاحة على نطاق واسع في المصانع والمرافق، وقد تدخل أيضاً إلى منازلنا في المستقبل.”

Exit mobile version