Newsme
صور قبلة السياح من كل بلدان العالم نظراً لارثها التاريخي والحضاري وانفتاحها!
بقلم وردية بطرس
صور التي لُقبت لقرون عدة بـ<سيدة البحار> تعتبر من أهم المدن الساحلية في العالم لموقعها على شاطىء البحر الأبيض المتوسط حيث تبعد عن العاصمة بيروت 83 كلم. صور من المدن القديمة ذات التاريخ العريق تروي معالمها الأثرية حقباً تاريخية وحضارات… وتتنوع الآثار في مدينة صور، وهي معالم من كل الحقب التاريخية المتعاقبة مثل الاغريقية والبيزنطية والعربية والعثمانية، ويرجع تاريخ تأسيسها الى الألف الثالث قبل الميلاد. ويشير الباحثون في تاريخ لبنان الى ان صور من أشهر حواضر العالم نظراً للدور الذي لعبته في الحقبة الفينيقية، من ناحية سيطرتها على التجارة البحرية، وانشائها المستوطنات التجارية حول البحر المتوسط، ونشر الديانات في العالم القديم، وانشائها قرطاجة في تونس التي قارعت الدولة الرومانية، كما اشتهرت المدينة بتصديرها للأحرف الأبجدية، وهي تمتاز ببقايا رومانية قديمة، وعدد من المباني الحجرية، والأقواس، وبقايا معابد، وقد شكلت شاهداً على روعة الحضارة الرومانية… وما زالت حملات التنقيب مستمرة حتى اليوم بحثاً عن آثار المدينة وتاريخها، وبنتيجة تلك التنقيبات أدرجت منظمة اليونيسكو في العام 1979 مدينة صور على لائحة التراث العالمي.
ان الأخبار التاريخية تؤكد ان مدينة صور كانت من أوائل المدن التي احتضنت المسيحية وآمنت بها، وكانت هناك كنائس تعتبر الأقدم والأشهر في العالم، اذ يرجع تاريخ الكنيسة في صور الى عهد المسيح نفسه، فقد أتاها مع تلاميذه كما يذكر الانجيل المقدس وفيها أجرى أعجوبة شفاء لفتاة مبتلاة بمرض عضال. ويقول الانجيل: <وبعدها غادر أرض صور ومرّ في صيدا>. تجدر الاشارة الى ان كاتدرائية القديس توما الرسول للروم الكاثوليك يعود تاريخها الى عهد المطران افتيموس الصيفي (1643 ــ 1723)، اذ انه بناها على أرض الكنيسة الأولى التي تظهر بعض آثارها في السكرستيا الصغيرة الملاصقة للكاتدرائية اليوم. وهناك أيضاً كاتدرائية صور للموارنة <سيدة البحار>، انها <سيدة البحار> أرض حج وقداسة حيث أعلنها قداسة البابا محجة للمؤمنين المسيحيين الموارنة مما أعطاها بعداً دينياً متميزاً وجعلها مقصداً للمؤمنين من كل أرجاء العالم الذين تعذر عليهم زيارة الأماكن المقدسة في فلسطين. وهذه الكاتدرائية ستبقى شاهدة على عظمة صور، وحاضنة للعيش
الوطني المشترك مع نظيراتها من كنائس ومساجد.
شاطىء صور الأجمل!
أما شاطىء مدينة صور فمن أكثر الشواطىء اللبنانية الرملية جمالاً، وهو الشاطىء الأكبر المتبقي في لبنان. وتعد محمية شاطىء المدينة من أبرز وأكبر محميات لبنان، وتُوصف بأنها ذات الطبيعة الثلاثية الأبعاد لما تجمعه من تنوع بيئي حيث انها تجمع الغطاء النباتي الأخضر والكثبان الرملية الصفراء والشاطىء البحري الأزرق.
وتتنوع الأنشطة في المدينة وأبرزها <موسم البحر> ضمن محمية شاطىء صور الطبيعية، اضافة الى استقطاب صور لأهم المهرجانات العالمية. كذلك يمكن لمحبي الغطس ان يكتشفوا آثار صور الفينيقية القديمة الموجودة تحت مياه منطقة الجمل، وتجدر الاشارة الى ان نقيب الغواصين المحترفين في لبنان مدير <معهد صيدون للغوص> محمد السارجي كان قد أعلن في بيان عن اكتشاف بقايا 11 سفينة تعود للحقبة اليونانية <حوالى 300 قبل الميلاد> غارقة على مقربة من بعضها البعض جنوب مدينة صور وعلى عمق 35 متراً تحت سطح البحر.
وفي مطلع شهر حزيران (يونيو) الماضي نشر موقع <ناشيونال جيوغرافيك> تقريراً عن أجمل شواطىء الشرق الأوسط، وأتى شاطىء مدينة صور من ضمن أجمل 5 شواطىء في الشرق الأوسط، وذلك بسبب نقاء مياهه، اضافة الى انه مقصد
للغواصين الذين يأتون اليه لاستكشاف الآثار الرومانية الغارقة.
ولنتعرف أكثر على صور توجهت <الأفكار> الى هذه المدينة العريقة والمتميزة بتاريخها وارثها وانفتاحها على الآخرين والتي تستقطب الزوار من كل مكان، اذ قمنا بجولة في ساحاتها وحاراتها وأسواقها ومرفئها حيث تجد في كل زاوية وشارع
حكاية وقصصاً تعود لمئات وآلاف السنين.
طبيبة الأطفال الدكتورة نهى باز وتعلقها
بمدينة صور منذ الصغر!
الدكتورة نهى باز تتنقل ما بين عيادتها في لبنان وفرنسا، وعشقها لصور لا يُوصف فلها ذكريات جميلة عن هذه المدينة منذ صغرها وخصوصاً شاطىء صور، وتقول:
– قبل الحرب اللبنانية كان والدي يعمل بمشروع سد الليطاني وصيانة المشاريع السياحية في جنوب لبنان، وعندما بدأوا باعمار استراحة صور دخل والدي بمشروع صيانة
استراحة صور، وآنذاك كنت في العاشرة من عمري اذ كان يقول لي: أحلى شاطىء هو في جنوب لبنان، وبالفعل يتميز الشاطىء هناك بالرمل الأبيض، فهذه المنطقة الوحيدة في لبنان تجدين فيها الشواطىء رملية ولهذا كأطفال تعلّقنا بشواطىء الجنوب. بالنسبة الينا كان لدينا بيت صيفي في جزين ولكن كنا نقصد صور لنسبح ونتمتع بشواطئها. هكذا تعرفت على لبنان اذ نشأت في بيت تهمه الثقافة كثيراً وكل ما له علاقة بالتراث، اذ كان والدي يردد دائماً على مسمعي ان الثقافة هي ثروة في الحياة وأهم من كل الثروات، والأرض التي نمشي عليها هي تاريخية وأرض مقدسة، ففي هذه الأرض مشى المسيح والرسل، فالقصة تقول ان العذراء مريم كانت تنتظر يسوع في سيدة المنطرة بدير مغدوشة عندما كان يتنّقل مع تلاميذه في هذه المناطق. وطبعاً لبلدة قانا التابعة لقضاء صور أهمية ومكانة مميزة ففيها قام المسيح بأول أعجوبة له عندما حول المياه الى خمر.
الحارة القديمة أو كما تُسمى شعبياً <حارة المسيحيين> تبهر زوارها ببيوتها الحجرية والملونة وأزهارها المعلقة!
وعن الحارة القديمة التي تُعرف بـ<حارة المسيحيين> التي تستقطب الزوار نظراً لجمالها ورونقها وطيبة أهلها وهي رمز للتعايش الاسلامي ــ المسيحي تقول الدكتورة باز:
– ما أحبه في صور ان كلمة العيش المشترك حقيقية، فالجميع يحتفل بالأعياد والمناسبات معاً، مثلاً في عيد السيدة في 15 آب (أغسطس) يتجمع كل الناس ورجال الدين المسيحيين والمسلمين ليحتفلوا بعيد السيدة في مرفأ صور القديم الذي يعود الى ألفي سنة حيث نُصب تمثال أكبر للعذراء مريم عند سنسول ميناء الصيادين وذلك في العام 2016. فهذه المدينة هي رمز للتعايش الاسلامي ــ المسيحي منذ ألفي سنة حتى اليوم، اذ لم نسمع يوماً عن حادثة لها بعد طائفي او مذهبي… وتُشبّه الحارة القديمة التي تتميز بأنها حارة تراثية بـ<سانت تروبيه> الفرنسية حيث يمشي الناس بين البيوت القديمة ذات الطابع التراثي القديم والحيطان الملونة والزهور المعلقة بالنوافذ، وأهل الحارة يرحبّون بالجميع ويقولون <تفضلوا>.
وتتابع:
– وفي هذه الحارة تقع مطرانية الكاثوليك، ومطرانية الموارنة، ومدرسة راهبات مار يوسف، وتقع فيها أيضاً الجوامع التاريخية. هنا العيش المشترك حقيقي، فكما ذكرت في الأعياد يحتفل الناس سوياً مثلاً في عيد الميلاد يضعون شجرة الميلاد على مرفأ صور ويحتفلون بالميلاد سوياً، وفي عيد السيدة أيضاً يحتفلون معاً. وتتميز صور بالفنار الذي لديه ثلاث اضاءات ــ اذ كما توجد المنارة في بيروت، هنا في صور تُسمى بالفنار ــ الذي تم ترميمه منذ ثلاث سنوات وكان السفير الفرنسي <ايمانويل بون> قد حضر احتفال افتتاحه والذي قدّم هبة للمدينة <بيت الصياد> الذي يقع في مرفأ صور. كما تُقام في صور مهرجانات صور الدولية التي تنظمها السيدة رندة بري. كما تتميز صور بانفتاحها الثقافي اذ تجدين مدرسة قدموس التي تدرّس الفرنسية على مستوى عال، ويوجد أيضاً المعهد الفرنسي الذي يقوم بنشاطات عديدة. وهذا ما احبه في هذه المدينة التي تتميز بارثها وتاريخها وانفتاحها على الآخرين، اذ لا مكان للتعصب بين أهلها، وأهل صور يرحّبون بالزوار دائماً، وأقوم دائماً بتشجيع أصدقائي لزيارة صور اذ نذهب مجموعة لنقضي وقتاً ممتعاً في هذه المدينة، ويسعدني كثيراً عندما نقضي الوقت في رحلة بحرية اذ دائماً اقصد مركب السيد محي الدين الذي يعشق هذه المدينة ويعمل بكد، كما أقصد فول بارود بوسط السوق القديم، اذ أذكر اول مرة قصدته مع زوجي وأولادي أحببت طريقة تحضير الفول هناك ودائماً أتردد الى المكان لأتناول أطيب فول.
قصة المنزل!
وبالسؤال عن قصة المنزل في الحارة القديمة المطل على البحر والذي أحبته واشترته لتقضي أجمل الأوقات فيه تقول:
– المنزل الذي أقيم فيه في الحارة القديمة في صور كان المنزل الصيفي للرئيس بشارة الخوري خلال فترة طفولته، وكان المنزل الذي يطل على البحر مباشرة أقدم بيت في صور. وكان النائب الراحل نديم سالم قد تبناه ثم قامت شقيقته ايما وردة بشراء المنزل وقامت بترميمه وذلك في العام 1980، وخلال الاجتياح الاسرائيلي تضرر المنزل فقامت منال ابنة ايما وردة بترميم المنزل واصبح المنزل سياحياً أكثر وتمت صيانته بطريقة <مودرن>، ومنال متزوجة من رجل اسباني وقد غادرت البلد وهي تقيم في اسبانيا، وكانت قد علمت انني أحب مدينة صور، وقالت لي: هل يهمك هذا المنزل، هل تودين شراءه؟ لأنني لا أريد ان يبقى المنزل بلا صيانة، فأجبتها انني سأفكر بالأمر اذ أعرف ان ذلك يتطلب الكثير من العمل، وعندما رأيت المنزل جذبني كثيراً، فلم استطع ان أرفض طلبها اذ أعجبت بالمشروع واشتريت المنزل وبدأنا بالصيانة، فقمنا بتنظيف محيط المنزل الذي يطل على البحر وزرعنا الزهور الى ما هنالك. ومن خلال هذا المنزل تعرفّت على المدينة أكثر فأكثر وأحببتها كثيراً.
رائف بنجك وشغفه بالمراكب ومرفأ صور!
رائف بنجك درس ادارة الفنادق وعمل لفترة في هذا المهنة، ولكن حبه للبحر والمراكب دفعه للعمل في مجال الرحلات البحرية السياحية في مرفأ صور اذ انه <Boat Master> وهو يفتخر بتاريخ وارث صور الحضاري، وعن القصص التاريخية التي لا يزال الناس يتداولونها في المدينة يقول:
– طبعاً صور مدينة معروفة عبر التاريخ اذ أنها أحد أهم المدن الساحلية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى أيام الفينيقيين كانت أحد أهم المدن في العالم لأن التجارة البحرية انطلقت منها اذ ان الفينيقيين أول من صنع السفن. ومن هذه المدينة انطلقت الأحرف الأبجدية، والجميع يعرف قصة اليسار ابنة ملك صور التي أسست قرطاجة وأصبحت ملكتها. وأحد أهم القصص عن مدينة صور التي يعود تاريخها الى 6 آلاف سنة هي عندما دخل الاسكندر الكبير واحتل المدينة بعدما كان قد احتل معظم مدن الساحل المتوسط، وبقيت صور، وطبعاً كانت صور من قبل معرضة لعمليات احتلال ولكن كلها باءت بالفشل الى ان اتى الاسكندر الكبير وحاصرها وجرّب طرقاً عديدة ليحتلها، اذ كانت صور جزيرة بالمبدأ وكانت هناك أسوار تحيط بالجزيرة كلها، اي كانت محصنة بطريقة جيدة، وحاول بعدة طرق ان يحتل هذه المدينة، وسبقه ملوك ولم ينجحوا بذلك، وعندما عجز عن احتلال المدينة قرر ان يبني جسراً من البر ليسكن في هذه الجزيرة، بالاضافة الى انه استعان باسطول ايضاً من قبرص اذ استدعاه من قبرص ليكمل الحصار البحري بعدما كانت قد تعرضت لخسائر كبيرة جداً، فبنوا الجزء اي نتيجة احتلالهم للمناطق الواقعة على البر اذ كان هناك دمار، وبدأوا ببناء الجسر ليوصل البر بالجزيرة، وبعدها قاموا بمحاصرتها من البحر ودخلوا اليها عبر هذا الممر الذي بنوه. ونظراً الى انه تعذب اثناء حصاره للمدينة قتل معظم شبابها وسبى نساءها، ولكن مع كل هذا نتيجة المقاومة الشديدة في المدينة قرر ان يمنحهم جزءاً من الحرية بأن يكون لديهم نقد ذاتي لكي يستعملونها، فحتى بذلك ميزّها عن بقية مدن الساحل المتوسط. وأثناء الحصار تطلب بناء الموقع الروماني في منطقة الباص فترة طويلة. وحصل اتصال بين البر والجزيرة وزاد تطور المدينة. لدينا الملعب الروماني الذي ينتشر في عدد من دول العالم ولكن في صور هو الأكبر. وهناك الموقع الروماني خارج صور على طريق الباص اي جزء من المدينة الفينيقية بالاضافة الى تعديلات حسب مراحل الاحتلال التي حصلت في المدينة، اي كانت المدينة فينيقية ثم أتى الرومان، من ثم الصليبيون وتوالت الحضارات على صور، وكل حضارة عدّلت بما يتناسب مع حضارتها وثقافتها… وفي صور توجد طبقات اي هناك حضارة معينة صارت تحت الأرض نتيجة تعرض صور للغرق اذ انه باحدى الحقبات غُرق جزء منها، فاذا نزلنا الى عمق الماء نقدر ان نرى بقايا آثار، ولكن للأسف لا يُلقى الضوء عليها من الجهات المعنية لنظهر للناس ذلك، لأن بعض اللبنانيين يعلمون هذه الأخبار لأنهم يتناقلونها بين بعض الأصدقاء، وبعدما يسمعون عنها يأتون الينا ويسألون. وطبعاً عندما نقوم برحلات بحرية نلقي الضوء ونعلمهم انها كانت موجودة مثلاً بجانب القصر المطل على مرفأ صور مقابله بالماء لا يزال هناك بقايا لطريق نقدر ان نراه، وهناك أعمدة في البحر.
مرافئ صور الشهيرة
وعن أهمية المرافىء يشرح:
– على أيام الفينيقيين كانت صور تمتاز بأن فيها مرفأين: مرفأ صيدون الذي يقع على الجهة التي نقف الآن أمامها، وكانت صيدا اقرب له وكذلك المدن الأخرى التي تقع على الساحل من الجهة الشمالية. وهناك المرفأ المصري الذي يقع على الجهة الأخرى، وسُمي بالمرفأ المصري لأنهم كانوا يقومون برحلات تجاه مصر وأفريقيا. وبالتالي هذا كان واحداً من امتيازات المدينة طبعاً. واذا توجهنا الى الجهة الأخرى على موقع البحر أيضاً ننزل الى الماء فنجد الشارع الفينيقي الذي أصبح جزء منه مغموراً، اذ نمشي من البر فهناك شارع بين الأعمدة التي وُضعت لاحقاً على أيام البيزنطيين. ويكمل هذا الطريق ليصل الى البحر، ففي الماضي عندما كانوا يذهبون غزوات ويعودون فعندما يحققون النصر يجب ان يدخلوا بأقواس النصر، اي عندما تأتي البواخر بعد الحرب يدخلون عبر هذه الأقواس. والأمر نفسه بالموقع الروماني هناك أيضاً قوس النصر الذي تشتهر به مدينة صور، وهذا كان مدخل المدينة الرئيسي عندما تم انفصاله من البر، اي لم تعد جزيرة وبدأ الناس يدخلون اليها عبر البر وبالتالي بنوا هذا القوس لكي يدخل كل الناس عبر هذا القوس. فعندما ندخل من هناك نجد طريقاً مرصوفاً بيزنطياً، وقبله كان رومانياً. وهذا الطريق هو عبارة عن السوق التجاري في المدينة، اذ نلاحظ على أحد الجوانب انه لا تزال هناك محلات صغيرة وهذه كانت محلات في السوق للبضاعة، وعلى الظهر من فوق نلاحظ بمكان معين يظهر مثل قناة للمياه. وهذه على أيام الرومان كانوا ينقلون الماء من منطقة تدعى راس العين وهي محمية طبيعية اليوم اذ جروها للمياه من راس العين التي تبعد حوالى 6 كيلومتر عن المدينة عبر القناة فأوصلوها الى المدينة بينما في الموقع الفينيقي كانوا يستعملون الخزانات تحت الأرض ليستفيدوا من أمطار الشتاء، اذ كانوا يجمعون الماء في الخزانات ليستفيدوا منها على مدار السنة، وفي الموقع الفينيقي لا تزال هناك بقايا من الخزانات.
العيش المشترك في صور
وعن مميزات المدينة يقول:
– ما يميز صور انه خلال الحرب الأهلية لم تحصل ضربة كف، وهذه من أهم مميزات هذه المدينة، برأيي ما جعل مدينة صور احد أهم المدن في الساحل المتوسط وبرأيي أهم المدن في العالم بطيبة ناسها وأهلها ومحبتهم لبعضهم البعض. وخلال الحرب لم تُقسم فالجميع عاش معاً، صحيح ان الغالبية مسلمة ولكن لتبقى الحارة المسيحية التي هي جزء لا يتجزأ من هذه المدينة ولكي لا يأتي طرف ثالث يسبب البلبلة، وضعوا نقاطاً على مداخل الحارة ليحموا الناس بداخلها لكي لا يدخلها غرباء عن الحارة او عن مدينة صور ويعبث بأمنها او يقوم بتخريبها.
وأضاف:
– القلعة التي كانت بحرية بقي منها برج واحد الذي هو بجانب القصر من الجهة الأخرى، فاذا أراد الزائر الصورة القديمة لصور الفينيقية هي عبارة عن قلعة كاملة متكاملة اذ كانت الأسوار تحيطها من كل جوانبها بالاضافة الى أبراج كما في كل القلاع التي ندخل اليها بكل المواقع السياحية. وكما تعلمين خلال الحروب وتعاقب الحضارات عليها بالتوالي بقي برج واحد من الأبراج التي كانت تحيط بالمدينة والذي لا يزال قائماً كما كان. والموقع الروماني لا نقدر ان نقول عنه قلعة لأن هو بحجم نصف المدينة اي كان مدينة بأكملها وانت تدخل المدخل تجد المدافن التي تتنوع حسب طبقات المجتمع. وفي الماضي كان هناك تمثال صغير للعذراء مريم على مرفأ صور، وفي العام 2016 قام الأستاذ ناصيف سقلاوي بوضع تمثال أكبر للعذراء مريم حيث حضر احتفال تدشينه رجال الدين المسيحيون والمسلمون وأهل المدينة. وفي مرفأ صور توجد ثلاث كنائس، وثلاثة جوامع.
وعن العادات في المدينة يقول:
– من حيث العادات والتراث مثلاً يحتفل المسيحيون بعيد الصليب اذ يمشون في الحارة ويتجمع الناس ويرمون صليباً من الذهب في المياه، والذي يغطس ويجده يكون من نصيبه وتستمر الحفلة حتى طلوع الصباح. والجميع يشارك في هذا العيد وليس فقط المسيحيين. وهناك عرس المينا التراثي وهو عبارة عن حفلة يقوم الفنانون باحيائها، بالاضافة الى الفرق الاستعراضية اذ تُضاء المراكب في المينا، فهنا لا تقدرين ان تميزي بين المسيحي والمسلم خلال المناسبات والأعياد.
وبما يتعلق بالجزء المطمور في البحر يقول:
– لدينا جزء من المدينة مغمور بالمياه ولا يعلم معظم الناس عنه، وكما علمت مؤخراً أعلن نقيب الغواصين انه تم اكتشاف السفن التي كانت قد غرقت على ايام الفينيقيين، وأعتقد انه كان هناك مغزى من هذا الخبر، وقد تم اكتشافها من خلال الصيادين عندما رموا الشباك… صحيح ان أُعلن عن هذا الأمر ولكن لم يُلق الضوء عليه في وسائل الاعلام… ولكن رغم ذلك، هذه المدينة غنية جداً بآثاراتها وحضارتها والأهم انها منفتحة على الجميع.
أحدث التعليقات