فن ومشاهير
سينما 11 سبتمبر

جوزيفين حبشي
السينما لم تكن يوماً مجرد وسيلة ترفيه، بل مرآة للزمن. وفي زمن ما بعد 11 سبتمبر، كانت المرآة أكثر كسرا، وأكثر صدقا أيضا. لقد شكّلت هجمات 11 سبتمبر 2001 لحظة فارقة في التاريخ المعاصر، ليس فقط من الناحية السياسية أو الأمنية، بل على مستوى الوعي الإنساني الجماعي. اهتزّ العالم أمام صور البرجين المنهارين، ولم تعد نيويورك ،كما كانت من قبل. وسط هذا الزلزال، اتجهت السينما إلى تفكيك الصدمة، محاوِلةً الإجابة عن أسئلة لا تستطيع الأخبار وحدها نقلها: ماذا حدث فعلاً؟ ماذا ترك في النفوس؟ من نلوم؟ وكيف نعيش بعد الخسارة؟ بين التوثيق الحي، والسرد الإنساني، والتأمل السياسي، قدمت هوليوود والعالم عشرات الأفلام التي تتناول الحدث وتبعاته، كلٌّ من زاويته الخاصة.

Screenshot
من أبرز هذه الأعمال:
Fahrenheit 9/11 (2004) للمخرج مايكل مور. فيلم وثائقي ينتقد سياسات إدارة بوش وربطها بهجمات سبتمبر. فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان “كان”، ويُعد من أبرز الأفلام الوثائقية السياسية.
United 93 (2006) للمخرج بول غرينغراس، الذي يحاكي الساعات الأخيرة من رحلة “يونايتد 93”، الطائرة التي اختطفها الإرهابيون لكنها لم تصل إلى هدفها بسبب تمرد الركاب. بأسلوب واقعي وقريب من الوثائقي، يصوّر الفيلم الفوضى والبطولة الإنسانية في آن.
World Trade Center (2006) للمخرج أوليفر ستون ،الذي ركّز على قصة شرطيين علقا تحت أنقاض البرجين. يبرز الفيلم التضحيات الفردية والقصص الإنسانية بعيداً عن التحليل السياسي.

Screenshot
Extremely Loud & Incredibly Close (2011) الذي يروي قصة طفل فقد والده في الهجمات، وينطلق في رحلة لفهم الخسارة. العمل يمزج بين الحزن والبراءة والبحث عن معنى.
Reign Over Me (2007): بطله رجل فقد عائلته بالكامل في الحادي عشر من سبتمبر، ويجد طريق العودة إلى الحياة من خلال صداقة قديمة. فيلم عن الحداد الشخصي في زمن الحداد الجماعي.

Screenshot
Zero Dark Thirty (2012): يرصد رحلة تعقّب أسامة بن لادن، ويطرح أسئلة شائكة حول دور التعذيب في الحصول على المعلومات. فيلم مثير للجدل، لكنه مهم لفهم سياسة “ما بعد 11 سبتمبر”.
The Report (2019): يناقش نتائج تحقيق مجلس الشيوخ الأمريكي في ممارسات التعذيب بعد الهجمات، ويعرض صراعاً أخلاقياً وسياسياً حول “الوسائل والغايات”.
Remember Me (2010) :تبدو قصته رومانسية عادية حتى نهاية الفيلم، حيث يتضح أن أحد الشخصيات قُتل في برجي التجارة. نهاية مفاجئة تذكّر أن أثر الهجمات طاول الجميع.

Screenshot
9/11 (2002) لجولس وجيديون ناوديت. صُوّر هذا الفيلم الوثائقي صدفة أثناء تتبّع رجل إطفاء، فتحوّل إلى وثائقي نادر يوثّق اللحظة من داخل موقع الحدث، بانفعال وصدقية نادرة.
قدّمت السينما، عبر هذه الأفلام، ما يشبه “أرشيفاً عاطفياً” لهجمات 11 سبتمبر. لم تكتفِ بنقل الحدث، بل فتحت النقاش حول الخسارة، الهوية، السياسة، والأخلاق. وبين عمل وآخر، نرى وجوهاً مختلفة للكارثة ذاتها: وجه الطفل، وجه الأم، وجه الجندي، ووجه من نُظر إليه كعدو لمجرد انتمائه العرقي أو الديني.