‎في ذكرى رحيل اميرة القلوب ديانا… بقلم جوزفين حبشي

‎جوزفين حبشي

‎في 31 آب / اغسطس 1997، توفيت الاميرة ديانا داخل نفق الما في باريس. كانوا اربعة في السيارة، هي وصديقها دودي الفايد والسائق والبادي غارد، وقد فاجأتهم زحمة المصورين الذين قاموا بملاحقتهم. وكانوا ثلاثة في… الزواج، هي والامير شارلز وكاميلا باركر، و”هذا كثير من الزحمة “.بهذه الجملة التي سبق ان قالتها الاميرة يوما، تختصر ديانا شخصيتها الحزينة والحكيمة والطريفة في الوقت عينه، هي التي عانت من مأساة زواجها بأمير ارتبط بها رغم انه يحب امرأة اخرى… وفي ذكرى غيابها ال 22، نستعيد واحدا من الافلام التي اعدّت حولها. انه شريط Diana الذي صدر عام 2013. في فيلم Diana، كانوا ثلاثة ايضا. اولهم ديانا اميرة ويلز الانكليزية، وثانيهم ناوومي واتس نجمة هوليوود الاوسترالية، وثالثهم اوليفر هرشبيغل المخرج الالماني. اوروبا اتحدت يومها لتقدم للعالم كله قصة اميرة القلوب من خلال شريط مقتبس عن كتاب”ديانا: حبها الاخير” من تأليف كايت سنيل وعن سيناريو لستيفن جيفريز. وبعدما استعاد لنا المخرج هرشبيغل ببراعة مثيرة للقشعريرة الساعات الاخيرة من حياة هيتلر في فيلم Downfall عام 2004، اعاد قبل 6 اعوام رسم السنتين الاخيرتين من حياة اشهر امرأة في العالم، مركزاً ريشته على قلبها الذي خفق حزناً لانه ارتبط بامير احب غيرها، فحاولت ان تدخل اليه الوان السعادة بعد انفصالها عن شارلز، من خلال قصة حب سرية مع… دودي الفايد؟!! لا، فعلى ما يبدو المليونير المصري لم يكن سوى وسيلة اعتمدتها الاميرة لتشعل بها غيرة الرجل الفعلي الذي كانت تحبه، الطبيب الباكستاني الاصل حسناة خان(نافين اندروز). تدور احداث الفيلم بين عام 1995 وصيف 1997 الذي شهد وفاتها المأساوية في باريس، ويرتكز على العلاقة التي جمعتها بطبيب القلب الذي اعاد الامل لقلبها. هي حلمت بمستقبل يجمعها بهذا الرجل الذي لم يعاملها كأميرة وأحبها كامرأة وآمن بها، ولكن حلمها تحوّل كابوساً مع رفض اسرة حسناة لعلاقتهما وفشله في تحمّل الضغط الاعلامي حولها. شغف ديانا وفرحها بقضاء اوقات سعيدة مع رجلها في تذوق الهمبرغر والاستمتاع بسهرات امام التلفزيون وتهريبه من وسائل الاعلام في صندوق سيارتها، وارتدائها الشعر المستعار للخروج معه الى حفلات الجاز، اضافة الى محاولاتها اثارة غيرته بعلاقتها مع دودي الفايد بهدف تحطيم مقاومته لضغوطات هذا الحب غير التقليدي، كلها محطات ستمر في هذا الشريط الميلودرامي الذي يعتبر نقطة في بحر الاميرة وعذاباتها ومعاناتها التي مرّ على ذكرها الشريط مرور الكرام. الغريب أن العالم كله كان يظن انه يعرفها جيداً خصوصاً بعدما ملكت قلوب الجميع بانسانيتها وعاطفتها ورفضها التقيّد بالتقاليد ووجعها المختبئ داخل نظرات اعتادت ان تخفضها خفراً. لذلك فاجأ الفيلم الشعب الانكليزي بشكل سلبي فهو استاء منه لتشويهه صورة اميرته المحبوبة وجعلها تبدو مجرد امرأة عاشقة ومتهورة ترسم الاستراتيجيات للايقاع برجلها وتتلاعب بوسائل الاعلام. انا بدوري فاجأني يومها الفيلم ولكنه لم يغيّر مشاعري تجاهها لأنها برأي امرأة قبل ان تكون اميرة، وهي كانت تستحق كل الحب الذي حرمتها منه العادات والتقاليد والبروتوكول وخصوصاً الزواج المدبّر. ولكن هذا لا يعني ان سيناريو الفيلم جيد، فمشكلته انه ركز على ديانا المرأة العاشقة التواقة للحب، ولم يتطرق اليها كامرأة استثنائية وزوجة وفية وأم رائعة، فهو أبعدنا عن عالمها الواقعي، وعن الشخصيات التي طبعت حياتها مثل زوجها الامير شارلز وحماتها الملكة اليزابيت وولديها ويليام وهاري. الفيلم قد ينطبق على اية شخصية شهيرة وشغوفة اخرى لأنه أشبه ببورتريه امرأة عاشقة ستدفعنا لنتأثر معها ونفرح معها ونشتغل شغفاً وغضباً والماً معها، ونستمتع بما تحيكه من استراتيجيات لتشعل الغيرة في قلب حبيبها لتعيده تالياً اليها، من خلال اخراج بدا عادياً فيه بعض التطويل والمحطات الكليشيه. ولكن الاستثنائي فعلاً في هذا الفيلم هو الاداء الرائع لناوومي واتس التي تخوفت جداً من فكرة تجسيد تلك الايقونة، خصوصاً لانها ليست بريطانية. ولكنها عادت وقبلت التحدي وتقمصت الشخصية ببراعة وبشكل مؤثر بفضل تحضير مكثف قامت به، تضمن مشاهدة أشرطة فيديو ومقابلات اجريت مع الاميرة. ناوومي واتس تحوّلت الليدي الاسطورية بملامحها وتعبيراتها القوية والناعمة، وبانفها الذي تطلب وضع مجسم خاص، ومشيتها وانحناءة رأسها وابتسامتها الخجولة والمشعة وخصوصاً نبرة صوتها التي اشتغلت عليها طويلاً لتصبح ارستقراطية ودافئة وخافتة وحازمة. اضافة طبعاً الى الماكياج وتسريحات الشعر المستعار المستوحاة من اشهر قصات شعر الاميرة وخزانة ازياء مصممة من اناقتها الشهيرة.