Uncategorized
أسواق الذهب
بقلم ريكاردو غصن
تستعد أسواق الذهب في دول الخلبج لإستقبال موسم إنتعاش جديد ترتفع فيه عمليات الشراء والبيع خلال ال 5 أيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك من جراء تبادل الهدايا بين العائلات بالذهب الأصفر والأبيض وحتى الفضة، أو للإدخار وسط وصول الأسعار إلى مستويات مشجعة للشراء وهذا كله يكون قبل عطلة عيد الفطر، إذ خلال العيد ترتفع الأسعار بشكل مفاجئ نتيجة الإزدياد في الطلب، والإقبال هذا على قطاع المجوهرات الثمينة والحلي بغرض الزينة في شتى أسواق الخليج هو إستمرار للعادات القديمة المتوارثة حتى يومنا هذا.
هذا المعدن الساحر للجمال والباهر للعبون لا يعلم أحد حتى الآن متى تم إكتشافه ولكن من المعروف أن لديه أهمبة كبيرة منذ قيام الحضارات حيث تم تقدير قيمته. يرجح بعض العلماء بأن الذهب الموجود على كوكبنا أتى من الفضاء عبر نيزك ضرب الأرض من حوالي 200 مليون سنة وأحضر معه جميع المعادن الثمينة وبإعتقادهم بأن الأرض ما زالت تختزن في باطنها 80% من الذهب. وقد إعتبره المصريون القدماء معدن الآلهة وكان غالبية حكام وملوك تلك الحضارات يلبسون تيجاناً وملابس تم حياكتها من الذهب الخالص. أما الرومان فقد صنعوا العملات الذهبية المتعددة ولبس الأغنياء منهم المجوهرات وكانوا يدفنوا كنوزهم في أوقات الحروب لذا نرى العديد من العلماء ينكبون عل تقفي هذه الآثار القيمة والعمل على إستخراجها، فضلاً عن الدورالكبير الذي لعبه الذهب إن كان في حضارات الهند، الصين وبلاد فارس. وعليه إستخدم البشر الذهب كعملة عالمية منذ القدم حتى تاريخه، وتتقبل جميع الدول تسديد الديون والمدفوعات بالذهب كقاعدة، ومن الممكن الحصول على كميات من الذهب مقابل عملات ورقية من أية دولة أو مصرف مركزي.
في العام 1914 تخلت المملكة المتحدة عن قاعدة الذهب لأول مرة في تاريخها وهو ما أدى إلى تراجع قيمة الباوند الإسترليني ما يدل على قوة المعدن الأصفر واهميته في التوازن الإقتصادي، الأمر الذي أجبر المملكة على إعادة إستخدام الذهب خلال عام 1925 لتعود وتتخلى عنه في العام 1931. أما الولايات المتحدة فهي تخلت بدورها عن القاعدة الذهبية في عام 1933.
وبنهاية ثلاثينات القرن العشرين لم تبقى دولة تتعامل بغطاء الذهب إن من ناحية تقوية العملة أو تغطية الديون، لكن تم إستخدامه بشكل كبير في قياس القيمة الحقيقية للعملة. وعندما تنخفض قيمة العملة في بلد ما بسبب ضعف الإقتصاد ما يجبر الحكومات المعنية بطباعة مزيد من المال فيؤدي ذلك إلى إنخفاض العملة المحلية، عندها يبدأ العديد من الناس بشراء الذهب كوسيلة للحماية من مخاطر التضخم وإنقاذ لرأس المال فترتفع أسعار الذهب نظراً لزيادة الطلب. فالعملات الورقية لا قيمة حقيقية لها بينما الذهب ذو قيمة مستقرة وثابتة خصوصاً في ظل عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي والمعروف بأنه يتم تسعير أسعار الذهب كسلعة أساسية في البورصات العالمية منذ ما يقارب ال 100 عام. فهو بعيد كل البعد عن قيمة العملة المحلية ولا يتأثر بشكل كامل ومباشر، إذ هو معدن آمن له إستقلاليته وقابل للبيع في أي وقت من فبل حامله.
وعلى هذا الأساس للذهب دور كبير على إقتصاد العالم فيكون إما سبباً في تدهور الإقتصاد أو تحسينه. فبعض المستثمرين/الأفراد عندما يبيعون الدولار نتيجة إنخفاضه، يشترون بالمقابل عقود آجلة من الذهب أملاً من أن هذا الأخير
سيحافظ على أصولهم المالية. أما بالنسبة للآثار التي تنتج عن الديون الهائلة في بعض الدول من جراء عجز وفشل الحكومات فيصبح الذهب الملاذ الأخير لهم، ومع ذلك تؤدي عمليات بيع إحتياطي الذهب من أجل الحصول على النقد الكافي إلى زيادة المعروض في الأسواق وإنخفاض في الأسعار.
يذكر أنه في العام الماضي كانت للمعادن أثراً كبيراً على الأسواق المالية والبورصات العالمية وخاصة الذهب الذي بلغ الطلب عليه 990 طناً في الربع الثاني من العام ومن ثم إنخفض بنسبة 0.07 وهذا الإنخفاض في معدل الطلب جزئباً، كما يعكس هذا التراجع الصعوبات التي يمر بها مناخ الإقتصاد العالمي، لتعود وترتفع في الربع الأول من العام الحالي لمستوى 1346.0 دولار للأونصة لتهبط ثانية إلى سعر 1266.0 في شهر نيسان/أبريل. وما زالت في مستوى 1311.0 كجد أقصى و1260.0 كحد أدنى.
وعلى الرغم من أن الهند والصين هما أكبر دولتين في إنتاج وإستهلاك الذهب إلا إن إنخفاض الطلب العالمي على نحو كبير هو الذي أدى إلى تراجع ملحوظ في أسعارالمعادن من ذهب، فضة وبلاتينوم. ومع هذا فقد أنهت أسعار الذهب تعاملات الأسبوع الماضي عند مستوى 1285.0 دولار للأونصة لتنجح في تحقيف بعض المكاسب بعد تكبد خسائر على مدى 7 جلسات/أيام متواصلة. جاءت هذه المكاسب تزامناً مع هبوط الدولار الأميركي تحت ضغط حملة من البيانات الأميركية الضعيفة حيث تراجعت طلبات شراء السلع في الولايات المتحدة من جراء النزاع التجاري مع الصين من جهة والطلب المستمر في هذه الفترة نتيجة إقتراب الأعياد كما ذكرنا آنفاً.
وأخيراً الذهب كان وسيظل وسيلة للإدخار ومصدر مهم للسيولة وهو كمؤشر أساسي تحدد أسعاره مسار الإقتصاد العالمي ككل.