Connect with us

فن ومشاهير

أي فنان راحل تمنّى الفنانون إعادته للحياة؟

Published

on

جوزيفين حبشي

في حضرة الغياب، لا يموت الفن. تبقى الأغاني، تبقى الموسيقى، تبقى الافلام والشخصيات التمثيلية، وتبقى الذكرى شاهدة على من رحلوا جسدا، ولكنهم ظلّوا أحياء في قلوبنا وأعمالهم.

في عالم الفن، يرحل الكبار، لكن بصمتهم تبقى حيّة في الذاكرة، في الأعمال، وفي القلوب. وحين نتأمل في أسماء من غابوا، تراودنا أحياناً أمنية خيالية: ماذا لو  عاد أحدهم؟ صحيح نحن نعيش  اليوم في زمن يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعيد صوت أي فنان، أو أن يركّب صوراً تجمع الأحياء بالأموات، ولكن لا شيء يوازي الحقيقة . حقيقة عودة فنان نحبه بالجسد والروح . وانطلاقا مما تقدّم، خطر لي  سؤال مختلف: ماذا لو كانت هناك فرصة حقيقية،  فرصة واحدة فقط، لإعادة فنان راحل إلى الحياة، حقيقة وليس بالذكاء الاصطناعي؟

هذا السؤال البسيط في الشكل، و العميق في مضمونه، طرحته على عدد من الفنانين:

لو كان بإمكانك إعادة فنان واحد إلى الحياة… فنان لبناني أو عربي، أو عالمي، من تختار  ولماذا”؟ 

Advertisement
Ad placeholder

الاجابات تنوّعت، وتقاطعت على بعض الاسماء المضيئة في حياتنا.

Screenshot

“كتار الفنانين اللي يا ريت فينا نرجعن، بس اذا بدّي اختار اسم واحد،  بتمنى لو  بقدر رجّع الممثل فادي ابراهيم للحياة”. هذا ما قالته الممثلة ماغي بو غصن، من دون حتى أن تأخذ مهلة للتفكير.  كيف لا، وفادي ابراهيم “غصة” في قلوب معظم الفنانين في لبنان، فادي  الكاريزما الكبيرة، والموهبة الاستثنائية والحضور الآسر ، والتواضع الجم، والابتسامة التي لا تغيب، والاخلاق العالية، الذي رحل باكرا بشكل مؤلم.

يوم رحيله، رثاه الفنانون كلهم بكلمات من القلب، فكتبت له رولا حمادة “بصمتك بالدراما اللبنانية ما بتنمحى … بغيابك فقد لبنان ممثل كبير  وقامة فنية ما بتتعوّض. يا زميلي وصديقي وشريك النجاحات، حزني عليك وسع المدى.»

Screenshot

بدوره الممثل باسم مغنية تمنى لو يستطيع اعادة فادي ابراهيم الى الحياة. “فل بكير كتير، كان فيه بعد يقدم قصص كتير. يا ريت بقدر رجّعه”.

باسم ” زعبّر” واعطى اسمين، لا اسم واحد ، وخياره  الاول كان الراحل الكبير  انطوان كرباج . لماذا؟ “لأنه استثنائي وما حدا بيشبهه. استثنائي  بحضوره  وصوته  وشكله  واخلاقه وتاريخه الثري . هو استاذي، عملت معه وتعلمت منه الكثير الكثير .لقد عاصر ثلاثة اجيال. يا ريت بيرجع”.

فادي ابراهيم  ليس وحده ” الغصة الكبيرة والحرقة ” في قلوب الفنانين اللبنانيين ، بل هناك فنان آخر، عبقري بكل ما للكلمة من معنى ،  رحل باكرا وكانت تليق به الحياة . إنه زياد الرحباني الذي تقاطع اسمه عند عدد كبير من الفنانيين الذين شملهم السؤال.

Screenshot

البداية مع الممثلة كارمن لبّس، حبيبة زياد التي لم ولن تشف من حبه. كارمن التي شاركت شغفها  الابدي بزياد ووجعها الازلي لفقدانه، من خلال  فيديو  حنيني لذلك الحب الخالد نشرته أخيرا، انهته بقولها:” حبّيتك.. وبعدني… وبعدا  كل الجمل عم تنتهي فيك”.

اتصلت بها لأسألها “لو كان بإمكانك إعادة فنان واحد إلى الحياة… من تختارين”؟ وقبل أن تجيب هي، أجبت انا “بعتقد.. بعرف جوابك”. فردّت:” شفتي؟ بتعرفي الجواب!

Advertisement
Ad placeholder

Screenshot

الممثلة السي فرنيني قالت أن ” اول إسم إجا على راسي ، زياد الرحباني ، لأنه حرقلي قلبي وترك فراغ كبير ما حدا بيقدر يعبّيه“. 

Screenshot

الممثل جوزف بو نصار اختار بدوره  اعادة زياد الرحباني الى الحياة، “لأنه جمع الأجيال كلها، الكبير والصغير كان يحبه ، وكان من أصدق الفنانين في لبنان”.

Screenshot

المغنية والممثلة ماريلين نعمان ردّت من دون تردد باسم واحد:  “زياد”.  وقبل أن أسالها “لماذا”؟ قالت : “و قدّ منه كبير ، ما في داعي فسّر ليش“.

Screenshot

“اكيد اكيد اكيد زياد الرحباني ، وبعده ملحم بركات”. إنها  الممثلة انجو ريحان التي “قصتها قصة” مع زياد الرحباني. تقول انجو : زياد عبقري مبدع ، وأنا  تربيت تربية يسارية فكان زياد  جزءً  من طفولتي و مراهقتي وثقافتي الموسيقية وانتمائي للوطن . كنت ولا أزال مبهورةً بنظرته للفن وكيف يعبّر . “هو مثلي الاعلى ، وما اجا متلو  حدا ابدا. كان حلمي اشتعل معه، ولو صار كان اكيد بيكون  احلى شي صار بحياتي”.

-ألم تقابليه يوما؟

-“مرة او  مرتين، لما كنت احضره”. عندما بدأنا بعرض مسرحية ” شو منلبس” أوصلت له انني اتمنى ان يحضر ويشاهد المسرحية، وكان هناك احتمال كبير  أن  يأتِ، “وكنت ناطرة مناطرة هيدا النهار، بس ما أجا”. على مدى  عشر سنوات وانا أحاول أن اتعرّف عليه، “بس كل ما تجي لتزبط، ما تزبط. وراح وما تعرفت عليه”.  تتذكر انجو  بحزن يوم دفنه ، عندما ذهبت الى الكنيسة. تقول:  “اقتربت من تابوته وهمست له: كان كتير عبالي اتعرف عليك، وليك، هلأ للتقينا”.

Screenshot

انجو ليست وحدها عاشقة زياد ، فحب  حياتها- زوجها مدير التصوير والمخرج فادي قاسم” يقاسمها الوله  به، وربما هما مغرمان بزياد الرحباني اكثر من غرامهما ببعضهما البعض . “فادي حافظ كل مقابلات زياد  وبيعتبره اعظم فنان بالعالم، مش بس بلبنان والعالم العربي. لمّا نكون انا وفادي سهرانين هيك وحدنا، بيحضّرني مقابلة من مقابلاته. زياد بعدو  موجود معنا، وعنا.  كيف بيكون عندك دايما ربطة خبز بالبراد، هيك زياد ، دايما موجود عنا بالبيت”.

مثلها تماماً، كان فادي قاسم يحلم بلقاء زياد واعداد فيلم  او  وثائقي عنه، ولكن الفكرة كانت تتأجل دائماً، “وكان خوفه الكبير إنو  يروح زياد” .

-وكيف تلقى خبر  رحيله؟

-انا من اخبره . دخلت الى غرفة النوم ، نظرت اليه وقلت له كلمتين فقط: زياد الرحباني… بحلق بي، ولم يقل أي شيء. ظل اليوم بكامله في الغرفة، صامتاً، ولم يتفوّه بأي كلمة.

Advertisement
Ad placeholder

Screenshot

-” إذا لبناني، أكيد  زياد”.

-واذا عالمي؟

-اذا عالمي ، بلا منازع فريدي مركوري.

لماذا؟ لأن الممثل سعيد سرحان ، يعتبر  ان المغني  والموسيقي  ومؤلف الأغاني البريطاني  ونجم فرقة “كوين” فريدي مركوري ” بعد ما خلق صوت متله”.  بشغف وانبهار يتكلم سعيد عن فريدي:” صوته اربعة اوكتاف فوكال راينج، معجزة . كان يمتلك روح الثورة  في كل تفاصيل حياته . لقد تحدى كل شيء واخضع كل شيء لمنطقه هو.  خلق حالة خاصة به،  استثنائية في تاريخ الروك، ولا احد يوازيه  في هذا المجال. كانت لديه القدرة على خلق  حالة من الطاقة الجماعية الاستثنائية وسط جمهوره “يعني شي ما بتشوفيه غير بحالات الطقوس الدينية التعبّدية”. هو الوحيد الذي ورغم رحيله، لا يزال يستقطب الجمهور الى اهم المسارح  الموسيقية الفارغة ، لمشاهدة اغانيه عبر البروجتكور. هذا يعني أنه تخطّى الموت، تخطّى الوقت والمادة  وكسر قواعد الفيزياء. حتى أنه حطّم كل قواعد المجتمع الذي عاش فيه، وحقق اجمل أعماله بعد اصابته بمرض الايدز. . فريدي مركوري “شغلة كبيرة”.

Screenshot

المطربة جاهدة وهبة قالت أننا نعيش اليوم في زمن صار فيه الذكاء الاصطناعي قادر  أن يردد أصوات الراحلين ويستنسخ  وجوههم، وكأن الموت نفسه صار قابلاً  للتفاوض. وترى جاهدة  أن الخوف ليس في التقنية بحد ذاتها، بل من ضياع ما لا يُستنسخ: البصمة المتفرّدة للتجربة الإنسانية. فالفنان لم يكن يوما مجرد صوت أو صورة فقط، بل مسار من معاناة، شك، حب، خسارة، حياة  ووعي متراكم. التقنية ممكن ان تلتقط الذبذبة، لكن من المستحيل أن تنسخ الروح، الوجدان، الذاكرة التي صنعت هذه الذبذبةهذا الخوف هو الذي يشرّع حق الفنان بالاستمرار حتى بعد رحيله: حقّه أن يتم ذكره  ككائن متفرّد لا كملف صوتي  أو  صورة مولّدة. ومن هنا يتغيّر السؤال من: “مين  بدّنا  نسمع إذا رجع؟الى مين قادر وجوده يرجّع إلنا حسّ المعنى، ويذكّرنا إنه الإبداع مش خوارزمية، بل حياة كاملة؟”

انطلاقا مما تقدّم ، اختارت جاهدة وهبة  ثلاثة فنانين من العالم العربي  لاعادتهم الى الحياة. اولهم زياد الرحباني.

Screenshot

تقول جاهدة :” غيابه  قاسي كتير ومبكر جدا وبفتكر لهلأ  بعدو  هالعالم ما فهم شو عطي  زياد للموسيقى  زياد كان  فيلسوف حياة وفن، عرّى المجتمع بسخرية مرّة ،  وابتكر لغة موسيقية عميقة مشبعة فكر وحداثة  ورؤيا . بفتكر عودته بتكون بوصلة، رجعة ضمير موسيقي بيحمل وجع الناس وسخريتهم  وآمالهم، ضمير بيحكي بلغتهم  وبيفكّك تناقضاتهم. من النادر انه موسيقى متل موسيقته تبكّي وتضحّك وتوعّي وتغربل  وتثقّف الناس بلا ما تدّعي. تحت كل جملة موسيقية عند زياد ، كان في طبقة فلسفية، تحت كل سخرية في حب دفين، وتحت كل بساطة في تركيبة عبقرية. غيابه خلّىالموسيقى العربية أفقر، مش بس بالنغمة، بل بجرأة الفكر والابتكار، وصِدق التعبير وفرادتهوبالتالي، مجرد عودته هي رجعة لهيداك الحضور الاستثنائي اللي بيخلّي الفن يتجاوز صعوبة الحياة  وبيذكرنا انه  الأثر أحياناً ابقى من البقاء نفسه.

أم كلثوم هي خيار جاهدة وهبة الثاني، “لأنها أيقونة صوتية ووجدانية طبعت العصر بفنها العابر للأزمنة و صنعت وحدة عابرة للحدود. صوتها ارتقى بالغناء العربي إلى مستوى غير مسبوق أو  لاحق، وإلى مستوى الطقس الجماعي، حيث يتلاقى الناس على نشوة واحدة وعلى آه  واحدة” .

Advertisement
Ad placeholder

خيارها الثالث الشاعر محمود درويش ، لأنالشعر الحقيقي فقد برحيل درويش صوته الكوني. كان قادرا على أن يحوّل الحزن إلى معنى، والمأساة إلى أفق إنساني. عودة صوته تعني أن نستعيد لغةً عالية سامية نحتاجها في زمن القسوة والتشظّي والعنف والسريالية والابتذال المقيت”.

Screenshot

الختام مع  الممثل يورغو شلهوب الذي قدم لي جواباً لم اكن اتوقعه، لأنه مؤلم بقد ما هو حقيقي. قال يورغو :” ما برجِّع حدا. مش يمكن هالفنان ما بدو يرجع، وهو بمطرح أحسن؟ الله أعلم، و ما في شك إنو الله أعلم مني بكتير”. وانهى يورغو قائلا:” أصلاً الفنانين المبدعين ما بموتوا . هنّي عايشين بإبداعاتن. يعني محلولي”.

Continue Reading
Advertisement Ad placeholder
Advertisement Ad placeholder

التقويم

سبتمبر 2025
ن ث أرب خ ج س د
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930  

الارشيف

© كافة الحقوق محقوظة 2023 | أخبار الشرق الأوسط - News Me | تصميم و تطوير TRIPLEA