Uncategorized
لمحات من فضاء الكورونا
بقلم: الدكتورة نوال الحوار
يقول سيغموند فرويد
“إلى الآن قادتْنا كلُّ الطرقاتِ إلى النور،
بَدءًا من اليوم ستَقودنا نحو الظلمة”.
ولعل هذا هو الانطباع الأول عن كورونا
رغم الخوف والهواجس يبقى الأمل… والرجاء
والدعاء الاحتياطي الذي يسكن دواخلنا ويشكل
خط الدفاع الأول لذاتنا.
لعل في هذه العزلة نكتشف ذاتنا ونضبط أفكارنا…
ونعيد إيماننا بالحياة… فالحياة كلها مشقة
وابتلاء .
إن الله الذي فرض علينا البلاء ليمتحننا
قادر أن يزيله برمشة عين وإلا باطلًا سيكون
إيماننا لو لم نفكر هكذا.
علينا اليقين أن النور أمامنا والظلمة ستكون حتما
وراءنا .
إن النور لن يستمر لو لم يستقر بداخلنا وعلينا
طرد شبح الظلمة واليأس فورا، فمن المشاعر الكبيرة الصادقة تولد الأماني العظيمة.
سنصمد كما صمد أهلنا وقاوموا المغولي والتركي والفرنسي .
يقول محمود درويش:
( لاتخف من أزيز الرصاص
التصق بالتراب لتنجو
سننجو… ونعلو على
جبل في الشمال….)
أظن أن رمزية هذا النص الباذخ لدرويش تحيلنا
إلى ما نحن عليه الآن من أمل .
من يدري لربما هذا الوباء سيغير ما في شخصياتنا
ويقوم ما لم تقومه الحياة ، ستتغير حياتنا بعد هذه التجربة سنلتزم فضيلة التضامن
و التكافل وهذا مؤشر جيد في الحرب العالمية كان السوفييت يحاربون النازية والفاشية والآن روسيا ترسل
المساعدات لإيطاليا والمانيا مختومة برسم علم
هذه الدول على شكل قلوب…. وكلنا يعرفه
ستعلمنا التجربة التخلي عن مظاهر الترف والبذخ
والابهة منذ بداية الأزمة.
لم البس ملابسي خارج المنزل ، وها انا البسها فقط في البيت، فلكسر الروتين لابد للعزلة أن تكون أنيقة نوعا ما…
.سيعلمنا الانعزال معنى البعد والوحدة والمعنى الحقيقي للشوق والتوق لوجه الأهل والخلان سيعلمنا معنى التلاقي ، وقيمته أمام مرارة الهجر.
قرأت في كتب التاريخ عن الحجر العاطفي
عندما حبس المأمون جاريته عريب ليؤدبها
وقد سالها بعد الحجر:
– كيف وجدت الهجر ياعريب؟
أجابته: لولا مرارة الهجر ماعرفت حلاوة الوصل
يا أمير المؤمنين.
العزلة ليست ضعفا وهروبا بل هي من سيلقننا
درسا ، مامعناه ان تمشي حرا معافى تتنشق هواء
غد ، سنهرول باتجاه بعضنا فرحين بالنجاة، ونتعانق
تلامس كفوف الأحبة، بعضها نتشابك ونضحك
لما مضى ، سيطل علينا فجر جديد فيه تقييم
جديد وتصفية لسلوكنا وارواحنا.
لسنا وحدنا في عزلة بهذه الدنيا…. الدنيا ايضا
معزولة تنتظر حراكنا وضحكنا….
وهنا لابد من بعض التساؤل والظنون.
ظننت أن النظام العالمي الجديد وما
تسببه من سقوط أنظمة هو من سيؤدي لنهاية هذا العالم ، وإذ بوباء مجهول الهوية هو من سيقوم بهذه المهمة لو نجح فإن أخطر ماسيخلفه هذا الوباء هو الكشف عن أننا بحاجة الى شبكة امان صحي أكثر من شبكة الأمان السياسي وأعتقد ان شبكة الاجتماع سقطت بحكم الحروب وماخلفته من تفكك .
هل كنا نحتاج لوباء لإعادة هيكلة عجلة الحياة
الأرهاب الفقر النزوح
من يراجع التاريخ يعرف أن الأوبئة أسقطت أمبراطوريات
وقتلت صحابة.
ألم يقض نحبه سيدنا أبوعبيدة بن الجراح أحد أهم قادة الفتح الإسلامي في طاعون عمواس الشهير
لقد فضح هذا الوباء نزق الأنظمة العبثية التي تسيطر
على عالمنا.
أيعقل أن من عنده (ناسا) وعمل على تطوير
الأنظمة الطبية من استبدال القلب وصولا لخلايا
الدماغ غير قادر على إيجاد حبة دواء لجرثومة
تسمى كورونا.