ثقافة
معرض بيروت الدولي للكتاب يفتح أبوابه في دورته الـ66

رغم الأزمات المتلاحقة والانهيارات المتكررة، ما زالت بيروت ترفض السقوط. مدينة الكلمة لا تزال وفية لرسالتها: أن تكون منارة ثقافية في زمن العتمة، وأن تضع الكتاب في مواجهة النسيان، لا باعتباره ترفاً، بل فعلاً مقاوماً.
وفي تأكيد جديد على هذا الدور، افتُتحت مساء الخميس النسخة الـ66 من “معرض بيروت العربي والدولي للكتاب”، برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، وبمشاركة واسعة من شخصيات سياسية وثقافية ودبلوماسية. المعرض، الذي ينظمه النادي الثقافي العربي منذ عام 1956، يستمر في “سي سايد أرينا” على واجهة بيروت البحرية، مجسّداً ارتباط العاصمة التاريخي بالكلمة والحرية والإبداع.
احتفالٌ بالكلمة… وتأكيدٌ على أن الثقافة فعل حياة
رئيسة النادي الثقافي العربي، السيدة سلوى السنيورة بعاصيري، شددت في كلمتها الافتتاحية على أن الثقافة لم تكن يوماً شعاراً، بل هي جوهر الحياة وشرط التغيير الحقيقي، وقالت:
“الثقافة فعل إنساني يعيد الاعتبار للعقل الناقد والخيال المبدع، ويمنح المجتمعات القدرة على التطور والمواجهة”.
وأكدت بعاصيري أن المعرض لم يعد مجرد مناسبة سنوية لعرض الكتب، بل تحول إلى منصة شاملة لفنون الكتابة والفكر والنقاش، وملتقى للقراء والكتّاب والمبدعين من مختلف المشارب.
نواف سلام: بيروت لم ولن تتخلى عن دورها الثقافي
من جهته، أشار رئيس الحكومة نواف سلام إلى أن بيروت لم تتعب من حمل راية الثقافة رغم كل الجراح، قائلاً:
“الكتاب ليس ورقاً وحبراً فقط، بل هو جسر بين العقول والقلوب، بين الماضي والحاضر، وبين الحلم والواقع”.
وأضاف أن استمرار هذا المعرض، بعد أكثر من ستة عقود، يثبت أن الثقافة استثمار حقيقي في الإنسان، وليست ترفاً مؤقتاً، بل شرط وجودي لمستقبل أفضل.
واعتبر سلام أن “الكتاب”، بما يمثله من معانٍ رمزية، يشبه “اتفاق الطائف”، الذي سماه الرئيس الراحل فؤاد شهاب ذات يوم “الكتاب”، مشدداً على ضرورة تطبيقه واستكمال ما لم يُنفذ منه بعد.
حضور لبناني وعربي لافت
الافتتاح شهد مشاركة رسمية وشعبية واسعة، من بينهم الرئيس فؤاد السنيورة، وزراء ونواب حاليون وسابقون، سفراء عرب، شخصيات فكرية وثقافية وإعلامية بارزة، إضافة إلى عدد كبير من الزوار والقراء الذين جالوا في أجنحة المعرض واكتشفوا الإصدارات الجديدة لدور النشر اللبنانية والعربية.
ندوات وتواقيع وفضاء مفتوح للحوار
اليوم الأول تخللته سلسلة حفلات توقيع لعدد من الكتّاب، من بينهم الدكتور عبد الحسين شعبان، الكاتبة مريم حلباوي، والدكتور ادونيس العكرة، وغيرهم، في مشهد يؤكد حيوية الساحة الثقافية اللبنانية والعربية.
كما يشهد المعرض على مدار أيامه المقبلة ندوات فكرية وفنية ومعارض فنية مرافقة، لتوسيع فضاء النقاش حول قضايا الساعة وربط الكلمة بالفعل الثقافي والإبداعي.
بيروت: مدينة لا تُهزم بالكلمات
قالها الرئيس سلام بوضوح: “بيروت التي احتضنت أول مطبعة في الشرق، وصدّرت التنوير والحرية إلى العالم العربي، لا تزال حية لا تنكسر”.
وعاد وأكد أن الثقافة في بيروت لم تغب رغم كل الظروف، بل تثبت كل عام أنها ركن أساس في هويتها وكيانها.