Connect with us

فن ومشاهير

موركس دور: ٢٥ عاماً من الأيمان بالفن وبلبنان

Published

on

جوزيفين حبشي

خمسة وعشرون عاما مرّت، وكأنها ومضة من عمر وطن يتأرجح بين الرماد والضوء… عمرٌ هو مزيج من الشباب والنضوج، من الحلم المتوهّج  والإصرار العاقل، من البراءة الأولى وخبرة السنوات المتعاقبة. إنها يوبيل الفخر لجائزة وُلدت من رحم الأمل،  كرّمت على مدى ربع قرن مئات  الفنانين، وها هي اليوم تُطفئ شمعتها الخامسة والعشرين، لا لتعلن عن مرور الزمن، بل لتؤكد أن الزمن كان حليفها، لا عدوّها.

جائزة موركس دور لم تكن يوما مجرّد احتفال بالفن، بل كانت موقفا وطنيا، ثقافيا، وإنسانيا. كانت السبّاقة في الانطلاق  في زمنٍ كان فيه لبنان يئنّ تحت وطأة الانقسامات والآلام، ولا احد يبالي بالفن والفنانيين، فجاءت كمبادرة فردية من طبيبين أخويّن، أحبّا هذا الوطن كما يُحبّ فنان ريشته، أو شاعر قصيدته، فأصرّا على أن يعكسا صورة أخرى للبنان، لا كما تراه السياسة، بل كما يراه الفنّان حين يحلم، والمبدع حين يخلق.

إنها جائزة تعي جيداً أن الكمال لله وحده، وأن الأخطاء واردة، لكن النية الصافية، والرغبة الصادقة في تقدير الفن والفنانين، وفي صون الإبداع وسط الخراب، هي ما يحرّكها منذ اليوم الأول. ”موركس دور” لا تدّعي المثالية، لكنها تملك ما هو أعمق منها: النُبل في المسعى.

في كل عام، وبينما تختنق بيروت بثاني أوكسيد الكربون السياسي، الاقتصادي، والمعيشي، يأتي هذا الحفل ليمنح اللبنانيين نفحة أوكسيجين، ليذكّرهم أن بلادهم ما زالت قادرة على الحياة، على الفرح، على التوهّج. يأتي ليقول إن بيروت، وإن انحنت، لا تركع، وإن غابت عنها الكهرباء، فهناك دائماً نجوم تُضيء سماءها، وتعيد إليها نبضا، لا تصنعه إلا الثقافة والفن والأمل.

Advertisement
Ad placeholder

“موركس دور” فعل “ليفتينغ” حقيقي لوجه لبنان المتعب، محاولة مستمرة لإخفاء تجاعيد اليأس التي أرهقت ملامحنا، ولتكريس ثقافة الحياة في وجه ثقافة الموت. لم تكرّم الجائزة فقط الكبار، بل احتفت أيضا بكل من أصرّ أن يبقى، أن ينتج، أن يغنّي، أن يكتب، أن يمثل، أن يلحن، رغم كل شيء.

جائزة “موركس دور” تحتفل هذه السنة بيوبيلها الفضي، في وقت ينهض فيه لبنان من كابوس طويل، ويتأمل خيراً بسلطة حاكمة جديدة ، ستعيد له وهج العصر الذهبي من جديد .في يوبيلها الفضي، تثبت “موركس دور” أنها ليست مجرد أمسية فنية، بل مرآة لوجه لبنان الحقيقي: وجه الإبداع، التحدّي، والإيمان بأن هذا الوطن، مهما تعثّر، سيظلّ واقفًا… لأن فيه من يحبّه كما يحب الطبيب مريضه: بعناية، وحرص، وتفانٍ لا يلين.

وفي هذه المناسبة، لا يسعني انا شخصيا، كوني عضوا في لحنة التحكيم،  إلا أن اتمنى أن تُطفئ ” موركس دور”  شموعاً كثيرة قادمة، و أن تسعى للمحافظة على روح التجديد، وأن تحرص دائما على أن تكون جوائزها مرآةً للتميّز الفني الحقيقي، بما يستوفي المعايير الفنية المطلوبة، ويصون النزاهة، بعيداً  عن المسايرة  أو المحاباة. فـالتميّز  لا يدوم إلا بالمصداقية، والاستمرارية الحقيقية لا تُبنى إلا على الثقة التي تمنحها لجان التحكيم عن قناعة، لا عن مجاملة.

Continue Reading
Advertisement Ad placeholder
Advertisement Ad placeholder

التقويم

سبتمبر 2025
ن ث أرب خ ج س د
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930  

الارشيف

© كافة الحقوق محقوظة 2023 | أخبار الشرق الأوسط - News Me | تصميم و تطوير TRIPLEA