ثقافة
“نزار قباني” محور حلقة “مرايا الشعر” مع الشاعرة سهام الشعشاع
تطل الشاعرة سهام الشعشاع على جمهورها عبر “كيوبوست”، ضمن حلقة أسبوعية من برنامج “مرايا الشعر”، حيث تحكي في كل حلقة قصة شاعر، ومناسبة قصيدته، وتنتخب من أجمل ما اختزنه التراث العربي القديم ومن إبداع الشعراء المعاصرين، من المعلقات، مروراً بالأمويين فالعصر العباسي حتى وقتنا هذا.
كما تقرأ الشعشاع لجمهور “كيوبوست” بصوتها العذب وأسلوبها الشعري المميّز مختارات من كل قصيدة.
محور الحلقة الثامنة من “مرايا الشعر” كان الشاعر “نزار قباني”
نبذة عنه كما جاء على لسان الشعشاع:
نِزَار قبَّاني؛ شَاعرٌ كَبيرٌ، غَنيٌّ عَنِ التعريفِ اكْتسبَ شهرتَهُ الواسعةَ بِسببِ أشعارِه عَنِ المرأةِ والحبِّ..
في هذه الحلقةِ سنطِلُّ على قصيدةٍ واحدةٍ من قصائدِ نزار قباني؛ وهي قصيدة بِلْقِيس… وبِلْقِيسُ هي الزوجةُ الثانيةُ لنزار قباني، وأمُّ ولديه عمر وزينب.
بَعدَ عشرِ سنواتٍ من زواجهما وقعتِ الفجيعةُ الكُبرى والتي قَال نزارُ قبّاني عنها: كنتُ في مكتبي في الحمراء وسمعتُ دويَّ انفجارٍ هزَّني من الوريدِ إلى الوريدِ، ولا أَدري كيف نطقتُ ساعتَها يَا سَاتِر يا ربّ، ثم جَاء أحدُهم ليخبرَني أنَّ الانفجارَ كان في السفارةِ العراقيةِ فقلتُ بِلْقِيس راحَتْ، وستتركني أَعيشُ وحيدًا في عَالمي الموحِشِ..
شُكرًا لكُم ..
شُكرًا لكُم..
فَحَبيبتي قُتِلَت.. وَصارَ بوُسْعِكُم
أَنْ تشرَبوا كَأسًا علَى قَبرِ الشَّهيدَهْ
وَقصيدتي اغْتِيلَتْ ..
وَهل مِن أُمَّـةٍ في الأَرضِ ..
-إلَّا نَحنُ- تَغْتالُ القَصيدَة؟
بِلْقِيسُ..
مُشْتَاقُونَ.. مُشْتَاقُونَ.. مُشْتَاقُونَ..
والبيتُ الصغيرُ..
يُسائِلُ عَن أَميرتِهِ المعَطَّرةِ الذُيُولْ
نُصْغِي إلى الأَخْبارِ.. والأَخبارُ غامضةٌ
ولا تَروي فُضُولْ..
بِلْقِيسُ..
مذْبوحونَ حتَّى العَظْم..
والأَولادُ لا يَدْرُونَ ما يَجرِي..
ولَا أَدرِي أَنَا.. مَاذا أقُولْ؟
هَل تَقرعينَ البَابَ بعدَ دَقَائقٍ؟
هَل تَخلعينَ المعْطفَ الشِّتَوِيَّ؟
هَل تَأتينَ بَاسمةً..
وَناضِرةً..
وَمُشْرِقَةً كَأزْهارِ الحُقُولْ؟
بِلْقِيسُ..
إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي..
وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ.. لا تدري جريمتَها
وبيروتُ التي عَشقَتْكِ..
تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها..
وأطفأتِ القَمَرْ..
بِلْقِيسُ..
يا بِلْقِيسُ..
يا بِلْقِيسُ..
كُلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ..
فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا..
بِلْقِيسُ.. كيف رَحَلْتِ صامتةً
ولم تَضَعي يديْكِ.. على يَدَيَّا؟
بِلْقِيسُ..
كيفَ تركتِنا في الرِّيح..
نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ؟
وتركتِنا -نحنُ الثلاثةَ- ضائعينَ
كريشةٍ تحتَ المَطَرْ..
أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي؟
وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ.. مثلَ (زَيْنبَ) أو (عُمَرْ)
بِلْقِيسُ..
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا..
وتجلُدني الدقائقُ والثواني..
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ.. قصَّةٌ
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ..
تغمُرُني،كعادتِها، بأمطار الحنانِ
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ..
علَى السَّتَائرِ..
وَالمقَاعِدِ..
وَالأَوَاني..
وَمِنَ المَرَايَا تطْلَعِينَ..
مِنَ الخواتمِ تطْلَعِينَ..
مِنَ الْقَصيدةِ تطْلَعِينَ..
مِنَ الشُّمُوعِ..
مِنَ الْكُؤُوسِ..
مِنَ النَّبيذِ الأُرْجُواني..
بِلْقِيسُ..
يا بِلْقِيسُ.. يا بِلْقِيسُ..
لو تَدرينَ مَا وَجَعُ المكانِ..
في كُلِّ ركنٍ.. أنتِ حَائِمةٌ كعُصفُورٍ..
وعَابِقةٌ كَغابةِ بَيْلَسَانِ..
الحُزْنُ يا بِلْقِيسُ..
يَعصُرُ مُهْجَتِي كالبُرْتُقَالَةْ..
الآنَ.. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ..
وأَنا الَّذي اخْتَرَعَ الرَّسَائِلَ..
لَستُ أَدري.. كَيفَ أَبْتَدِئُ الرِّسَالَةْ..
السَّيفُ يَدخُلُ لحمَ خَاصِرَتي
وَخاصِرَةِ العبارَةْ..
كلُّ الحضارةِ، أنتِ يا بِلْقِيسُ والأُنثى حضارَةْ..