فن ومشاهير
18 سبتمبر… دمعة وابتسامة

جوزيفين حبشي
في تقويم الأيام، تمرّ تواريخ كثيرة، بعضها لا يُشبه سواه. إلى أن يأتي يومٌ مثل ١٨ سبتمبر/ أيلول، يحمل معه مزيجاً عجيباً من الفرح والحزن، من شمعة تُضاء ونجمة تُطفأ. اليوم تحديداً، يأتي ١٨ أيلول كأحد هذه الأيام التي تتشابك فيها المشاعر، فيتحوّل إلى مرآة مزدوجة تعكس الفرح والحزن، الحياة والموت، البدايات والنهايات.
في هذا اليوم، تُطفئ النجمة السي فرنيني شمعة جديدة في رحلة عمر عابق بأريج النعومة والنبل والألق . هي سيدة العصر الذهبي، وصاحبة الحضور الذي لا يشبه إلا الأناقة الهادئة، و”الليدي” بكل ما للكلمة من معنى، في الشكل والمضمون، في الأداء والموقف. السي فرنيني اختارت أن يكون فنها انعكاسا لرقيّها الشخصي، فصار اسمها مرادفا لجيلٍ كامل من الدراما النبيلة.ولها نتمنى مزيداً من العطر الذي تنثره اينما مرّت، على الشاشة وفي حياتها اليومية بين الاهل والابناء والحفدة والاصدقاء.

Screenshot
في هذا اليوم ايضاً، تحتفل الدراما اللبنانية والعربية بنجمةٍ أثبتت أن النجاح لا يُمنح بل يُنتَزع: ماغي بو غصن التي بدأت من أسفل السلم، فصعدته خطوة بخطوة، بصبر المقاتلين، بشغف الحالمين، وبثقة لا تغيب. صعدت بموهبتها، بطاقتها، وبإصرارٍ لم يعرف الكلل، إلى أن وصلت إلى قمة الدراما اللبنانية والعربية المشتركة. ومع كل نجاح، لم تتوانَ ماغي يوماً عن تقديم الأفضل، وكأنها لا تزال في أول الطريق، لأنّها تعرف أن القمة لا تُحمى إلا بالتواضع والإجتهاد. لها اطيب الامنيات بدوام الضحكة والصحة والسلام الداخلي والنجاح.

Screenshot
ومن بعيد، تعود اليوم ذكرى ميلاد أسطورة الشاشة الصامتة، غريتا غاربو، تلك التي حملت التمثيل إلى مساحات لم تَعُد صامتة رغم الصمت، فجعلت من الغموض أيقونة، ومن الحضور وهجاً لا يُنسى.

Screenshot
لكن، يبدو أن الحياة لا تكتمل بدون نقيضها… فاليوم تحديداً ، رحلت الإعلامية اللبنانية يمنى شري عن هذا العالم، بعد صراع سريع مع مرض السرطان، أنهى رحلتها صباحا في كندا. رحلت صاحبة الابتسامة الدائمة والطاقة الايجابية التي كانت تُلقّب ” دوّارة الشمس”، التي شكّلت على مدى سنوات علامة فارقة في الإعلام اللبناني، بإطلالتها المليئة بالحيوية، وبمهنيتها العالية.
وهكذا، يتحوّل 18 ايلول يوماً مشحوناً بمشاعر متناقضة، تتقاطع فيه الدموع مع الشموع. شموع ميلاد نجمتين لبنانيتين تُضيء سماء الفن بأملٍ لا ينطفئ، ودمعة وداع تُطفئ نجمة آخرى من نجوم الإعلام اللبناني. اليوم نضيء شموع العمر الطويل لمن لا تزالان تنيران حياتنا بوهجهما، وتقدمان لنا مع كل اداء استثنائي، هدايا فنية تسعدنا وتلهمنا. واليوم نذرف دمعة وداعٍ على من ترجّلت، لكنها ستبقى حاضرة في قلوب من عايشوا ضحكتها، روحها، وقلبها الجميل…
هكذا هي الحياة… تمنحنا دمعةً لنعرف معنى الابتسامة والفرح، وتفجعنا برحيل الأحبة لنُدرك قيمة اللحظة. في هذا اليوم ” المُفرِح- المبكي”، نتعلّم أن ما يبقى منا ليس أعمارنا، بل الأثر الذي نتركه. فلنُعطِ أجمل ما فينا، فهذا وحده ما لا يموت.