Connect with us

ثقافة

عيب…!!!

Published

on

جوزيفين حبشي

انه عصر الضحيج لا المعنى. انه زمن الزيف لا الاصل . انه موضة  الطفيليين من مدّعي المعرفة، الذين يتنقّلون بين التخصصات كما يتنقل المهرّج بين ألعابه، من دون أن يبللوا أطراف أصابعهم بعرق الجهد أو  شوك التجربة.

يتحدّثون  في الطب وقد ينصحونكم بأخذ جرعة ديتول، بدل البانادول لتسكين وجع الرأس،  ويخوضون في الفلسفة وهم لا يعرفون الفرق بين أرسطو  طاليس الفيلسوف وأرسطو اوناسيس  الملياردير  زوج جاكلين كينيدي.

Screenshot

يحللون القصة والرواية، ويؤكدون أن يوسف حبشي الاشقر هو والد  جوزيفين حبشي ” محسوبتكم”. كيف لا؟ الا ترون، هي شقراء ايضاً.

Screenshot

ينظّرون في الفن والسينما ،ويحلّلون أفلام ستانلي كيوبرك بمصطلحات منسوخة، بينما يعتقدون  أن سلمى حايك هي حتماً قريبة ميشال حايك من جهة الأم.

Screenshot

يناقشون في الادب ولا يترددون في  الاتصال بالاعلامية اللبنانية مي زيادة لسؤالها عن علاقتها بجبران خليل جبران، وهل لا تزال تحبه رغم رحيله منذ اكثر من ٩٠ عام.

Screenshot

يتكاثرون فجأة بعد كل “أول شتوة” من الترند، تماما كالبزّاق، يخرجون من العتمة، يزحفون على السطح الناعم للمنصات، يلمعون قليلاً ثم يفسدون كل ما يمرّون عليه.

يتسلّقون أعمدة التخصصات بخفّة لصّ، يسرقون من هنا وهناك، ثم يعرضون المسروقات على الملأ  كأنها اجتهاد، ويسمّون أنفسهم: “خبراء” في السينما، “محللون” في السياسة، روّاد” في الادب والثقافة، crème de la crème في الموسيقى الكلاسيكية، بينما اغنيتهم المفضلة” سكر محلّي محطوط على كريما”.

الحقيقة؟ لا هم خبراء، ولا هم روّاد. هم مهرّجو  المرحلة، يبيعون الوهم في تغليف بصري جذّاب، مدعوم بعدد متابعين يساوي وزنهم في الغرور، لا في العلم.

Advertisement
Ad placeholder

المصيبة ليست في وجودهم فحسب، بل في أن المجتمع ذاته بات يصفّق لهم بحماسة عمياء. يرفع من يصرخ، لا من يفهم. يصفّق لمن “يبدو”، لا لمن “يكون”. أصبح الاستعراض بديلاً عن الاستحقاق، والمحتوى المسروق أكثر رواجاً من الفكر الأصيل.

المضحك المبكي؟ أن بعضهم يسرقون نصوصا لا يفهمونها أصلًا، ويعيدون تقديمها بأخطاء فادحة، فيُقال عنهم: “ملهمون”! والكارثة أن هناك من يتبع، يُعجب، ويشارك، ويردّد دون مساءلة.

Screenshot

قد ينجح الكاذبون والمخادعون والفارغون في جذب المشاهدات، وال ” لايكات” ويتأملهم الجميع يلهثون خلف الكاميرات وامامها ، وكأنهم نجوم العالم، لكن هل يصدقون هم أنفسهم ما يقولون؟

عندما ينظرون إلى مرآتهم الداخلية، هل يشاهدون عباقرة يتفوقون على سقراط، أم مجرد ظلّ باهت يشبه بطل كرتون متهالك؟

يبدو  أن هذا الزمن لا يضيء على  من يضيء فعلا، بل على من يزحف ويترك أثرا لزجا… عيب.

Advertisement
Ad placeholder
Continue Reading
Advertisement Ad placeholder
Advertisement Ad placeholder

التقويم

سبتمبر 2025
ن ث أرب خ ج س د
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930  

الارشيف

© كافة الحقوق محقوظة 2023 | أخبار الشرق الأوسط - News Me | تصميم و تطوير TRIPLEA