Connect with us

فن ومشاهير

السي فرنيني: فن Tastic دراما Queen

Published

on

جوزيفين حبشي
في حقبة السبعينات والثمانينات، برزت السي فرنيني كواحدة من ألمع نجمات الشاشة، تحمل في ملامحها رقّة الزمن وأناقة الحضور. لم تكن مجرد ممثلة تؤدي أدواراً، بل كانت حالة فنية خاصة، تحمل جمالاً خافتاً كضوء الفجر، وصوتاً داخلياً يشدّ المشاهد إلى عالم من الصدق والرقي. ورغم أنها لم تسعَ يوما إلى الصدارة، حافظت على حضور استثنائي في ذاكرة الدراما اللبنانية والعربية، باسلوب راقٍ  ونبرة تمثيلية تنأى عن الابتذال، وصوت هادئ وأداء ناضج، يُجسّد صورة المرأة الرزينة، المتمكنة من أدواتها، والمخلصة لفنها.

كانت ولا تزال، تلك السيدة الهادئة التي لا تحتاج إلى صخب لتُلفت الأنظار، يكفي أن تظهر حتى تملأ الشاشة سحراً.

منذ انطلاقتها في سبعينات القرن الماضي، قدّمت السي فرنيني مجموعة من الأدوار التي أرّخت لمرحلة ذهبية في الدراما اللبنانية. ظهرت في مسلسلات مثل “مذكرات ممرضة”، “البؤساء”، “رحلة العمر” ، “البخااء”، “ابنة البواب”، “آثار على الرمال” وغيرها، مؤدية أدوارا  اتسمت بالعمق والصدق، ورافقتها صورة الممثلة الجميلة، الهادئة، صاحبة الأداء الكلاسيكي المرهف.

Screenshot

وبعيداً عن  وفرة الأعمال، تميزت السي فرنيني بخياراتها الدقيقة. وهي بذلك تُجسد مثال الممثلة التي تحترم فنها، وتحترم جمهورها، وتعرف متى تقول “نعم” ومتى تصمت. ومع مرور الزمن، غابت السي فرنيني عن المشهد الدرامي لفترات طويلة، لكنها لم تخرج منه أبدا، فعادت في السنوات الأخيرة بأدوار  لا تشبه ما قدمته من قبل، مُحدثة نقلة نوعية في مسيرتها.

كما أنها لم تتجمّد في قالب فني واحد، فهي فاجأت جمهورها بعد سنوات من الغياب، بأدوار كسرَت صورتها النمطية، وأعادت تقديمها بوجه مختلف تماماً، كما في “فارس الاحلام” و” عريس وعروس” و “وأشرقت الشمس” وغيرها.

Screenshot

في مسلسل “وأشرقت الشمس” ( كتابة منى طايع) لعبت السي دور منيرة، امرأة تدير خمّارة في بدايات القرن الماضي. شخصية خفيفة الظل، مرحة، لكنها لا تخلو من الحكمة والدهاء. هذا الدور مثّل كسراً  للأنماط التي اعتاد الجمهور أن يراها بها، وأثبتت من خلاله أنها قادرة على التلوّن وتوسيع مساحة أدائها، والتحرر من الحذر المعتاد في اختياراتها.

لاحقا، أطلت في مسلسل “بالدم”( كتابة ندين جابر)  بدور شمس، وهي “باترونة” ملهى ليلي، باردة، صارمة وقاسية، تدير عالمها من موقع القوة  بيد من حديد . شخصية مختلفة تماما عن منيرة، تُبرز قدرة السي فرنيني على تقمّص التناقضات وتقديم أدوار تحمل طبقات متعددة من المعاني والانفعالات. شمس لا مكان للعاطفة في قراراتها، وتألقت السي فرنيني من خلال هذه الشخصية، بنموذج معاكس تماما لما كانت عليه من قبل، بأسلوب أداء مبني على الصمت المتوتر والنظرة الثقيلة.

Advertisement
Ad placeholder

Screenshot

هذا التنقل بين شخصية وأخرى، بين الظرف والقسوة، بين الرقة والصلابة، بين الماضي والحاضر، هو ما يؤكد أن السي فرنيني لم تكن محصورة في صورة واحدة. إنها ممثلة تُجيد الغياب تماما كما تُجيد الظهور، وتُتقن فن الاختيار مثلما تُتقن فن التمثيل. هي علامة فارقة في الدراما اللبنانية والعربية، تحمل في حضورها صدى الزمن الجميل، وفي اختياراتها درسا في الذكاء المهني والصدق الفني.

في زمن يضجّ بالتغيّر، تبقى السي فرنيني ثابتة في الذاكرة، كأحد رموز الفن الجميل، وأيقونة من زمن لا يتكرر. اختارت أن يكون ظهورها الانتقائي جزءا من هويتها الفنية، فلم تركض خلف الأضواء، بل جعلت الأضواء تتبعها كلما قررت أن تعود. هي بحق “Lady” الشاشة، بكل ما تعنيه الكلمة من رقيّ واحتراف وأناقة.

Screenshot

Continue Reading
Advertisement Ad placeholder
Advertisement Ad placeholder

التقويم

سبتمبر 2025
ن ث أرب خ ج س د
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930  

الارشيف

© كافة الحقوق محقوظة 2023 | أخبار الشرق الأوسط - News Me | تصميم و تطوير TRIPLEA