فن ومشاهير
نادين الراسي قصّت شعرها وذاكرتها مع ايغل فيلمز ايضا
جوزيفين حبشي
شاهدتُ عبر منصة “المشهد” حلقة الممثلة نادين الراسي مع الإعلامي محمد قيس، وفرحتُ بعودتها المضيئة إلى الطريق المستقيم، واهتمامها بصحتها النفسية والجسدية وبمسيرتها الفنية بعد سلسلة محطات قاسية كادت تُغرقها. أسعدني هدوؤها الجديد، وقرارها نسيان الماضي، وفتح صفحة بيضاء بفضل حبّ أعاد لها ثقتها بنفسها، واحتواها كامرأة قبل أن تكون فنانة، فخلعت ثوب «الرجل» الذي اضطرت لارتدائه طويلاً، واستعادت أنوثتها وطمأنينتها.
لكن وسط هذا التصالح الجميل مع الذات ومع الآخرين، استوقفني أمر واحد: عدم مصالحتها مع فكرة أنّ ماغي بو غصن لا تدين بنجاحها لأحد سوى لموهبتها ومثابرتها. لقد بدا وكأن نادين تتعمّد نسيان محطات لا يجب أن تُنسى مع شركة ايغل فيلمز. ففي أحد فصول المقابلة، تحوّل الحديث إلى تشكيك بإخلاص ماغي بو غصن ، عندما قالت نادين إنها ساعدت ماغي في بداياتها خلال مسلسل “متر ندى”، وطلبت من المنتج مروان حداد زيادة مشاهدها ، ثم لامتها لأنها لم تبادلها «الجميل» لاحقاً. والسؤال البديهي هنا: أليست الشركة التي يملكها جمال سنان، زوج ماغي، هي نفسها التي قدّمت لنادين لاحقاً ثلاثة أعمال بطولة هي “ورد جوري”، “الشقيقتان” و”عرابة بيروت”؟ كيف يُنسى تفصيل بهذا الحجم؟ وإن كانت نادين قد نسيت، فهل يُعقل أن يغيب هذا الجزء الأساسي من مسيرتها عن المحاور محمد قيس، وهو الذي استضافها تحديداً للحديث عن مسارها المهني؟
المفارقة أنّ بعض النجمات اللبنانيات يُصررن على تحميل ماغي بو غصن مسؤولية عدم مشاركتهن في الأعمال الدرامية، وكأنها «وزارة الدراما». بينما هي لا تقدّم سوى عمل واحد سنوياً، وتحيط نفسها فيه بعدد كبير من الممثلين اللبنانيين في أدوار رئيسية. ماغي بو غصن وجمال سنان ليسا الدولة ولا أصحاب القرار في الصناعة الدرامية. هما يفعلان ما يستطيعانه ضمن حدود الممكن. أيضا لماذا يصبح نجاح امرأة مرتبطة برجل مؤثر سبباً لتجاهل موهبتها؟ ولماذا يُرفض الاعتراف بأن هناك فنانات يصنعن نجوميتهن بالصمت والجهد والذكاء، لا بالمحسوبيات فقط؟ ماغي لم تُفرض على الجمهور؛ عشرون عاماً من الأدوار الصغيرة والكبيرة، من الكوميديا إلى التراجيديا، من الانكسارات إلى النجاحات، لا يمكن أن تكون نتيجة نفوذ فحسب. النفوذ قد يفتح باباً، لكنه لا يُبقي ممثلة في الصدارة. ما يبقيها هو حبّ الناس… والحب لا يُشترى.
ربما ما يزعج البعض ليس نجاح ماغي، بل أنها ناجحة من دون ضجيج. تعمل بصمت، تردّ بالعمل لا بالكلام، ولا تسمح للضوضاء بأن تغيّر اتجاهها. النجاح الحقيقي لا يصرخ، لكنه يبقى… كضوء لا يحتاج إلى برهان. ويقول البعض: «لكن زوجها منتج!». حسناً… هل يستطيع أي منتج أن يفرض نجومية على جمهور لا يريدها؟ التاريخ والجمهور يجيبان: لا. قد يحبها البعض، وقد لا يحبها البعض الاخر، هذا حق الجميع . ولكن من المستحيل أن يتجاهل احد نجاحها الذي بنته على مرّ الاعوام والتجارب والادوار .وفي النهاية، ولا ممثلة ستتخلى عن فرصة لأنها تملك شركة إنتاج. فلماذا تُلام من استغلت الفرصة لتعمل وتحلم وتحقق؟ ولماذا يُطلب من امرأة أن تتراجع فقط لأن نجاحها يزعج آخرين؟
هذه ليست قصة ماغي فحسب. إنها قصة كل امرأة في هذا البلد، كل من تصنع لنفسها سلّماً وتجتازه وحدها، فتُتهم بأنها لم تقم ببنائه بيدها. لكن الحقيقة واضحة: ماغي بو غصن لا تأخذ من درب أحد. هي فقط تسير في دربها، ومن لا يحتمل ضوءها، ليس عليه إلا أن …يغمض عينيه.
في الحلقة ظهرت نادين الراسي بشعر قصير كإعلان عن بداية جديدة. الشعر القصير يليق بها كثيرا ولكن تلميحها، ولو جاء بنبرة مازحة، إلى أن ماغي بو غصن والكاتبة ندين جابر لا تحبّان العمل مع ممثلات طويلات القامة، لا يليق بممثلة بحجمها ولا “بطول” مسيرتها. لا سيما أن أعمال Eagle Films امتلأت بنجمات طويلات شاركن ماغي ال petite البطولة، من دون أي إشكال أو حساسية، مثل دانييلا رحمة وورد الخال. قد لا تكون ماغي بو غصن والكاتبة ندين جابر طويلتي القامة، لكن تعاونهما معا وشغفهما معا نَفَسه طويل جدا، ومن ترى في نفسها القدرة على مجاراتهما… ” ما تقصّر”.
أهلاً بعودتكِ نادين الراسي. ركّزي أنتِ وسواكِ من نجمات لبنان على العمل والاجتهاد، فالموهبة لا يطفئها شيء. ومن يملكها سيعود إلى الضوء مهما ابتعد… والضوء الحقيقي لا يخاف المقارنة.
