Uncategorized
أم الكلّ بين خيبات الماضي ونبض الحاضر…فهل سيبعثُ الأمل حياتها من جديد؟
زلفا عسَّاف -شركة برس بارتو
هو تلك الحالة الخاصّة التي استطاعت أن تُحاكي بسطورها وأدائها ومُعالجاتها، فصولاً من تاريخ لبنان وحكايا مجتمعه بوجوهه كافّة، وعلى مدى السنوات التي مرّت في تاريخ لبنان الأليم.
حقبات متعدّدة سلبيّة منها وإيجابيَّة ربَّما، مُضحكة ومُبكية، سلميّة وثوريّة، عالجها الكاتب والمُمثّل والمُخرج المسرحيّ، الفنّان الشامل جو قديح، من خلال سطور بليغة وصور حكيمة وقضايا واقعيَّة، مزجت آلامنا بضحكاتٍ على واقع مرير، لم نستطع حتى الآن إيقاف مُسلسل مرارته…
إنَّه همُّ لبنان الذي حمله هذا المسرحيّ الطموح الذي لا يكلّ من إيصال رسائله الهادفة عن حلمه بالتغيير نحو الأفضل.
شخصيَّة مسرحيَّته اليوم، حاضرة في مجتمعنا، نلتقيها كلّ يوم، نقف على مرارة قصصها، دون أن نستطيع تغيير قدر حتَّمه عليها وطن لم يُعطِ مُسنيّه حق العيش بكرامة، حق ضمان الشيخوخة المُستَحقّ.
المرأة بطلته الشغوفة التي سيتعامل معها بحرفيَّة وواقعيَّة تُلامسان حُدود التناغم إلى حد الذوبان، في شخصيَّة أعطاها الكثير من حيّز الكتابة والأداء معاً. أتعبه الأداء في دوره هذا، لا بل أرهقه إلى أقصى الحدود، فصعوبة الدور أخذت منه ذهنيّاً وجسديّاً الكثير من الوقت والجهد ومُعايشة شخصيَّات من محيطه، كي يكتسب مهارة تجسيد ما تختلجه تلك الشخصيَّة من سحر خاص، ومن حقيقة واقعيَّة، تجعله يوصل بأمانة وصدق وحقيقيَّة، ما يُريد إيصاله عن واقعها.
هي أمّ الكلّ ، قصة سيّدة مُسنَّة متروكة للقدر بلا ضمان وبلا رعاية،بدأ بكتابة سيناريو المسرحيَّة قبل ثورة 17 تشرين الماضي، ومع حلول الثورة، توقف عن الكتابة، ليعود أدراجه بعد مرور شهرين على اندلاعها، فيُطعِّم حنايا الشخصيَّة بروحيَّة من وحي تلك الثورة.
تأخذنا أمّ الكلّ إلى حقبات ثلاث من حياة تلك الهَرِمَة، قبل الحرب اللبنانيَّة وخلالها وما بعدها، مع ما حملته تلك الحقبات من خيبات على وطن جريح ، وبخاصّة عام 90 حين خُذلت السيدة بمرارة، أمام مشهديّة ترك الجيش يتقاتل في ساحة المعركة…
نكتشف قصصها الشخصيَّة ووحدتها وشيخوختها وماضيها، من خلال كلّ ما يدور في خيالها، وحتى مُعايشتها للثورة التي ربّما ستبعث في داخلها روح الشباب من جديد، وربّما تعطيها بصيص أمل وتجعلها تؤمن بلبنان أفضل.
تُحاكي المسرحيَّة كلّ تلك المُعاناة والقصص بقالب تراجيديّ وكوميديّ معاً، لكنّ قديح وجد نفسه هذه المرّة أمام تحدٍ صعب لا يُشبه تحديّاته السابقة، فلَعِبُ دور آمر.