صحة
تأثير المبادئ التوجيهية الجديدة لقياس ضغط الدم الصادرة في أوروبا وأميركا: وجهة نظر من لبنان
تحت رعاية وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق، نظّمت كلّية الطب في جامعة القديس يوسف وقسم أمراض القلب في مستشفى “أوتيل ديو دو فرانس”، بالتعاون مع شركة “سانوفي”، مؤتمراً صحفياً تحت عنوان “تأثير المبادئ التوجيهية الجديدة لقياس ضغط الدم الصادرة في أوروبا وأميركا: وجهة نظر من لبنان”.
سلّط المؤتمر الذي انعقد بمناسبة اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم، الضوء على المبادئ التوجيهية الجديدة لارتفاع ضغط الدم الصادرة عن جمعية القلب الأميركية التابعة للكلية الأميركية لأمراض القلب والجمعية الأوروبية لأمراض القلب والجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم التي تم نشرها في العامين 2017 و2018 على التوالي. وقد طرحت المبادئ التوجيهية الجديدة أبرز المستجدات التي تؤثّر على انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم في جميع أنحاء العالم وكيفية إدارته. إلاّ أن أوجه التباين بين هذه الإرشادات فرضت تحديات كبيرة على مختلف البلدان خارج الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا خصوصاً في غياب المبادئ التوجيهية المتعلّقة بارتفاع ضغط الدم على المستوى المحلّي مثل لبنان.
ترأس جلسة الحوار خلال المؤتمر كل من البروفيسور محمد حيدر ممثلاً وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق، والبروفيسور رولان طنب- عميد كلية الطب في جامعة القديس يوسف، والبروفيسور أنطوان سركيس- رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض القلب، والبروفيسور ربيع عازار- رئيس قسم أمراض القلب في مستشفى “أوتيل ديو دو فرانس”. وتمحور النقاش حول المستجدات من المنظور اللبناني، حيث تواجه جمعية أمراض القلب معضلة حول أي من الإرشادات الصادرة يجب اعتمادها خصوصاً وأن أطباء القلب في لبنان معظمهم تلقّوا تدريبهم إما في الولايات المتحدة الأميركية أو في أوروبا.
وحول الموضوع، قال البروفسور محمد حيدر، ممثلاً وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق: “الجهود المبذولة في هذه الدراسة هي محل تقدير وإعجاب كبيرين. ونحن على ثقة بأنَّ هذه التوصيات المحلية يمكنها وضع إرشادات علمية لإدارة مرض ضغط الدم المرتفع في لبنان بفاعلية أكبر بالإضافة إلى زيادة الوعي بين اللبنانيين، مما سيساهم بالتأكيد في خفض اعباء هذا المرض على المرضى وأسرهم ونظام الرعاية الصحية بشكل عام.” وأضاف: “تقوم وزارة الصحة العامة، من ضمن استراتيجيتها، بتشجيع الدراسات الوطنية، لأن نتائجها توفّر بيانات محلية، تضع أسس علمية لإدارة الأمراض المنتشرة. هذا فضلاً عن مساهمتها في إصدار السياسات الصحية المناسبة بدلاً من الاعتماد فقط على الدراسات الأوروبية والأميركية”.
وبدوره، قال البروفيسور رولان طنب، عميد كلية الطب في جامعة القديس يوسف: “نحن نولي أهمية كبيرة للأبحاث السريرية والوبائية في مستشفى “أوتيل ديو دو فرانس”، لأننا على ثقة أن النتائج ستساهم في تحسين إدارة الأمراض المزمنة الشائعة”، مضيفاً: “تم نشر نتائج الدراسة التي أجراها البروفيسور سركيس والبروفيسور عازار في العام 2015 بعنوان “تفشي مرض ارتفاع ضغط الدم، توعية، علاج، وسيطرة” في”Journal of Clinical Hypertension for the World Hypertension League Organization”. وهذا دليل قاطع على المعايير العالمية التي نطبّقها في دراساتنا”.
تغطي الاكتشافات ثلاثة محاور: الأول والأهم هو تعريف ارتفاع ضغط الدم الذي أصبح حسب المبادئ التوجيهية الأميركية 130/80 مم زئبق وما فوق، بينما حافظت المبادئ التوجيهية الأوروبية على تعريف ارتفاع ضغط الدم على أنه 140/90 مم زئبق وما فوق. المحور الثاني هو تعريف السيطرة على ضغط الدم: فقد أوصت المبادئ الجديدة الأميركية بضرورة المحافظة على ضغط دم أقل من 130/80 مم زئبق لجميع المرضى، بينما
اعتبرت المبادئ الأوروبية أنه يكفي تخفيض المستوى إلى أقل من 140/90 مم زئبق، على أن يكون الهدف المرتقب هو التوصّل إلى مستوى أقل من 130/80 مم زئبق للمرضى الذي لا يتجاوز سنهم 65 عاماً. وأخيرًا المحور الثالث يوصي باستخدام العلاج المركّب في حبة واحدة، كعلاج أولّي للمرضى الذين يعانون من ضغط الدم الذي يتجاوز 140/90 مم زئبق.
من جهته، قال البروفيسور أنطوان سركيس رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض القلب: “نناشد الجهات المعنية في لبنان إعادة تقييم تأثير هذه المبادئ التوجيهية على قياس ارتفاع ضغط الدم والسيطرة عليه. واستناداً لأحدث الدراسات المحلّية التي أجريناها في العام 2015 في جامعة القديس يوسف ومستشفى “أوتيل ديو دو فرانس”، تبيّن أن شخصاً واحداً من بين كل ثلاثة يعاني من ارتفاع ضغط الدم في لبنان، في حين 50٪ فقط منهم يخضعون للعلاج ونصف هؤلاء يعمد إلى السيطرة على ضغط دمهم- أي أن واحداً من كل أربعة أشخاص فقط يتحكّمون بضغط دمهم. وقد اعتمدت هذه الدراسة على تعريف ضغط الدم أنه 140/90 مم زئبق، أما الأشخاص الذين يخضعون للعلاج فضغط دمهم أقل من 140/90 مم زئبق. الآن، مع اختلاف التعريفين بين المبادئ الأميركية والأوروبية، لا بدّ من إعادة تقييم المشهد المحلّي حتى نتمكن من الاتفاق على تعريف واحد لارتفاع ضغط الدم يناسب لبنان لأن هذا القرار سيكون له تأثير كبير على نظام الرعاية الصحّية ككل”.
أمّا رئيس قسم أمراض القلب في مستشفى “أوتيل ديو دي فرانس” البروفسور ربيع عازار فعلّق على الدراسة الجديدة بالقول: “إذا استندنا لنتائج الدراسة التي أجريناها في العام 2015، وقررنا تطبيق التعريف الأميركي الجديد لارتفاع ضغط الدم في لبنان، يصبح معظم اللبنانيين يعانون من ارتفاع ضغط الدم. وبمفهوم ثقافتنا، نرى أن الأمر سيقلل من خطورة المرض طالما أن “الجميع مصاب به”. من حيث الأرقام، 58٪ من السكان سيتم تصنيفهم على أنهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم، أي 68٪ من الرجال و45٪ من النساء. كما أن تصنيف الذين يتراوح ضغط دمهم بين 130-139 مم زئبق و/ أو 80-89 مم زئبق على أنهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم يتخطى مواردنا المحدودة وحتى إذا نجحنا في توفير العلاج لهم، هذا قد لا يؤدي إلى انخفاض كبير في نتيجة أمراض القلب والأوعية الدموية”.
وختم البروفسور عازار: “وبالتالي، في هذه المرحلة في لبنان، من المستحسن اتباع توصيات أوروبا وتعريف ارتفاع ضغط الدم بمقدار 140/90 مم زئبق وما فوق، وصب تركيزنا في المدى القصير على الذين لا يعلمون أنهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم، لتشخيصهم وتوفير العلاج لهم كي يسيطروا على ضغط دمهم لتجنب المضاعفات غير المرغوب بها”.