اقتصاد
خام برنت يُسجل أعلى مستوياته منذ عدة سنوات
لا تُظهر أسعار النفط أيّ بوادر للتخفيف من منحاها التصاعدي بالتزامن مع استمرار الدعم الذي تُقدّمه البيانات الاقتصادية الأساسية للسوق المنتعشة. وتُواصل أسعار خام برنت ارتفاعها للأسبوع الرابع على التوالي مُسجلة زيادة فاقت نسبة 11% منذ بداية العام ونسبة 32% من أدنى مستوياتها عند بداية ديسمبر 2021، عندما بدأ متحور أوميكرون شديد العدوى بالانتشار في مختلف أنحاء العالم.
ووصلت العقود الآجلة للنفط في آسيا هذا الصباح إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أيام عند 86.71 دولار للبرميل، بينما يُراقب المتداولون عن كثب ما إذا كان هذا التوجه التصاعدي للسوق سيستمر. وكان هذا المستوى هو الأعلى الذي سجله خام برنت في أكتوبر لعامي 2021 و2018، والذي بدأت الأسعار من بعده بالهبوط بشكل حاد بواقع 42% على مدى الأشهر الثلاثة التالية. ولن يتسنى لنا اختبار أيّ مستوى مقاومة رئيسي على المدى القريب في حال تسجيل أيّ تحرُّك تصاعدي جديد من هذه النقطة، ما يُشير إلى احتمالية الوصول إلى حاجز 90 دولار للبرميل مع مستوى مقاومة نفسي عند 100 دولار للبرميل، ليتحول ما كان يبدو مستحيلاً منذ أشهر قليلة إلى السيناريو الأرجح في المرحلة الراهنة.
ويُعزى الارتفاع الأخير في السوق إلى مجموعة من العوامل، بما فيها انقطاع الإنتاج في كُلٍّ من ليبيا ونيجريا وأنغولا والإكوادور، وكندا مؤخراً نتيجة الطقس شديد البرودة. ومن ناحية أخرى، قد تكون معامل التكرير قد لجأت إلى خفض مشترياتها خلال شهر ديسمبر بالتزامن مع بدء انتشار متحور أوميكرون، لتتفاجأ لاحقاً بعدم تسجيل أيّ تداعيات حادّة على جانب الطلب، ومن ثم تستأنف نشاطها في محاولة لتعويض النقص. ومن هذا المنطلق، نجد بأنّ كلا جانبي معادلة العرض/الطلب يُسهمان في هذا الارتفاع، بينما لم تتحقق أيّ من التوقعات بشأن تفوق العرض على الطلب خلال الربع الأول من العام.
وإلى جانب ذلك، قد تزداد أقساط التأمين ضد المخاطر الجيوسياسية في حال تصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا؛ إذ قد تسهم أيّ اضطرابات جديدة في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا أن تدفع نحو زيادة أسعار الغاز والنفط الخام على حدٍّ سواء.
ولا يُمكن سوى للدول الأعضاء في منظمة أوبك وحلفائها أن تتدخل لخفض الأسعار في المرحلة الراهنة، من خلال توجه أبرز المنتجين لضخّ المزيد من النفط الخام في الأسواق. ومع ذلك، لا يبدو بأنّ هُناك نيّة لاتخاذ خطوة مماثلة. ويُرجّح في المقابل أن تستمر مجموعة أوبك بلس في تنفيذ استراتيجيتها بالحد التدريجي من تدابير خفض الإنتاج، لا سيما في ضوء استفادتها من الارتفاع الحالي في الأسعار.
وختاماً، نُرجّح أن نشهد ارتفاعاً جديداً في السوق على المدى القريب في ضوء استمرار العوامل المُحركة له، برغم احتمالية عدم بقاء الأسعار الحالية عند هذه المستويات أو ارتفاعها مُجدداً على المدى الطويل.