اقتصاد
مستويات التضخم وارتفاع العائدات توجه المستثمرين في الأسواق
يترقّب المستثمرون في الأسهم في مختلف أنحاء العالم نتائج تقرير التضخم الأمريكي المُتوقع صدوره يوم الأربعاء، لا سيما بعد تراجع الأسهم الأمريكية مُجدداً خلال الأسبوع الماضي وتسجيل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لأسوأ بداية للعام منذ 2016، بسبب ارتفاع عائدات السندات والتوقعات المُسبقة بسحب حزم التحفيز. كما توجه المستثمرون نحو تصفية أسهم الشركات التكنولوجية بعد ارتفاع عائدات السندات الأمريكية التي تستحق بعد عشرة أعوام بنسبة 29 نقطة أساس خلال خمسة أيام تداول ووصولها إلى 1.8% يوم الجمعة. وكانت الأسهم الدورية المُستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي بدى واضحاً من تحسّن أداء القطاع المالي بأكثر من 5%.
واعتاد المستثمرون على انخفاض عائدات السندات على مدى أعوام طويلة، فأصبح من الطبيعي أن تتعرض أصول المخاطر، لا سيما تلك المُبالغ في تقدير قيمتها، للصدمة عند تسجيل أيّ ارتفاع مفاجئ في أسعار الفائدة. وتشير التوقعات إلى ازدياد سوء عمليات التصفية مع تدافع المستثمرين لإيجاد مخرج من الأزمة، لا سيما في حال ارتفاع عائدات السندات الأمريكية التي تستحق بعد عشرة أعوام بالقدر ذاته على مدى الأيام القليلة المُقبلة.
كما جاءت الأرقام الرئيسية الواردة في تقرير كشوفات رواتب الوظائف الأمريكية غير الزراعية الصادر يوم الجمعة مُخيّبة للآمال؛ إذ كانت الـ 199 ألف وظيفة المسجلة في شهر ديسمبر بعيداً جداً عن توقعات الأسواق عند 450 ألف وظيفة، علماً أنّ ذلك لن يترك أيّ أثرٍ على التوقعات الخاصة بأسعار الفائدة. ومن ناحية أخرى، تراجعت معدلات البطالة إلى 3.9% مُقتربة بسرعة من أدنى المعدلات المُسجلة على مدى خمسة عقود عند 3.5%. وأتى الانخفاض في معدلات البطالة برغم استقرار معدل المشاركة في القوى العاملة عند 61.9%. ولكن الأجور تبقى المصدر الرئيسي للقلق؛ إذ سجّل متوسط الأجور في الساعة زيادة بنسبة 0.6% خلال شهر ديسمبر، وارتفعت بنسبة 4.7% بالمقارنة مع العام الماضي. وتعد زيادة الأجور خطوةً إيجابية عند ارتفاع الأسعار، غير أنّ هذه الزيادة تُشير إلى وجود مزيد من الضغوط التضخمية التي لا بد من السيطرة عليها في أسرع وقتٍ مُمكن.
تُرجّح الدراسات بأنّ متحور أوميكرون أقلّ خطراً من المتحورات السابقة للفيروس، غير أنّه ما يزال قادراً على تعطيل سلاسل التوريد، وهو العامل الأهم في زيادة مستويات التضخم. وبرغم التوقعات بانحسار هذه الاضطرابات في نهاية المطاف، ستحتاج الأسعار لفترة أطول للتكيّف معها، في خُطوة تُعزى للسلوكيات الاقتصادية في المقام الأول، علماً أنّ امتداد فترة ارتفاع هذه الأسعار ستجعلها أكثر قابلية للثبات عند هذه المستويات.
تتوقع الأسواق تحقيق مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأمريكي بمجرد صدوره يوم الأربعاء لرقم قياسي جديد هو الأعلى على مدى أربعة عقود. وتُشير التوقعات إلى ارتفاع الأسعار الاستهلاكية بمعدل 0.4% في ديسمبر بالمقارنة مع الشهر السابق وبنسبة 7.1% على أساس سنوي. وستشكل أي مفاجأة إيجابية أخرى أن مزيداً من الضغوط على السندات وتدفع العائدات نحو مزيد من الارتفاع.
وستخضع الخطابات المرتقبة هذا الأسبوع من عدد من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي إلى التدقيق بحثاً عن أيّ مؤشرات جديدة عن تخفيف سياسة التيسير الكمي، علماً أنّ الأضواء ستتجه يوم غد نحو جلسة الاستماع لشهادة رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول.
قد نكون على موعد قريب مع تصحيح بنسبة لا تقل عن 10% في الأسهم من ذروتها، غير أنّه وبالنظر إلى عوامل، مثل وفرة السيولة على الهوامش وأرجحية ثبات العائدات القوية، ستُواصل هذه العوامل دفع الأسهم نحو الارتفاع على المدى المتوسط. ومع ذلك، لا بد أن يستعد المستثمرون لمواجهة التقلبات الماثلة أمامهم.