Connect with us

Newsme

هناك آلات موسيقية تعزف النوتات فتعطي أنغاماً وألحاناً راقية تتناسب والأحلام والذكريات

Published

on

هناك آلات موسيقية تعزف النوتات فتعطي أنغاماً وألحاناً راقية تتناسب والأحلام والذكريات فتحرك الأحاسيس وتنعش القلوب والحياة. لكن النوتات لا تقتصر على الموسيقى فحسب فهي صالحة للإستعمال في السياسة والإقتصاد. فالذي يجيد اللعب على نوتات الأرقام الإقتصادية وكيفية تسيير الأمور والبيانات الرقمية من مداخيل وأرباح، عجز وديون، يعتبر مايسترو في العزف على الآلية الإقتصادية الكاملة المتناغمة في إدارة أموال البلاد، المجتمع، الخزينة وما تختزنه.
سنقوم بطرح عدة مواضيع متنقلة كما النوتات المتفرقة، وهي حلقات متناسقة ولكنها بعيدة كل البعد عن بعضها البعض، فارغة تعكس وضعنا الإقتصادي المحلي والعالمي الغير مقرؤ والغير معروف من قبل الخبراء وأصحاب القرار.
النوتة الأولى تتمحور حول أموالنا أي الشعب، المتقاعدين، موظفي القطاع العام وأموال الحكومات. فنحن جميعاً نعيش على الإئتمان المصرفي وكذلك الحكومة والعالم بأسره. تقترض الحكومة مضطرة عندما تنفذ خزينة الدولة. تقوم بطرح سندات خزينة في وزارة المال، فتقترض المال من كبار المستثمرين وتسدد بفعل أسعار الفائدة المتفق عليها أو الثابتة. فيتم جمع مليارات الدولارات في مدة زمنية قصيرة لا تتعدى بضعة أيام.
تأخذ المصارف عادة مدخراتنا كإيداعات وتقرض الآخرين بعضها. تقترض المصارف فيما بينها بحيث يجري تداول المزيد من العملات. إبتكرت المصارف ما يسمى القيمة المصطنعة أي الآلية الإستثمارية الخاصة – هي سلة متكاملة تحتوي على أصول ثابتة، أصول متأخرة ومتعثرة مشكوك الأمر في تحصيلها.
تنتشر القروض فيما بيننا وأصبح الإئتمان المصرفي في متناول الجميع. تبدأ المصارف بالقلق بشأن الأصول المتأخرة. أصبحت الثقة مفقودة وتوقفت القروض الداخلية بين المصارف. ليس هناك سيولة ولا مزيد من الإئتمان وبالتالي تعطل النظام وشل الإقتصاد وتصاعد الدين والعجز الإقتصادي. هذه هي حال البلدان الواقعة في قلب الأمازون.

وتكتمل النوتات بشكل متواصل عند المايسترو الأساسي في هذا العالم وما هو إلا البنك الإحتياطي الفيدرالي في بلد رأس المال والذي يتلاعب على حبال النوتات حسب الموسيقى التي يهوى سماعها وفرضها وبالتالي إقرارها وآخرها كان تثبيت أسعار الفائدة على عملة الدولار كما هي مع إحتمال خفضها في المستقبل القريب. إذ صوت أعضاء لجنة الأسواق الفيديرالية بغالبية 9/1 من أجل الحفاظ على سعر الفائدة الحالي وإبقائها ضمن نطاق 2.25 إلى 2.50 بالمئة، مع التأكيد وبشكل رسمي أنه لن يتم أية تخفيضات في عام 2019 وذلك خلال الإجتماع الذي عقد نهار الأربعاء الواقع في 20 حزيران/يونيو.
وجاء القرار في ظل وجود إنقسامات حول الغموض تجاه أية رؤية مستقبلية واضحة للوضع الإقتصادي مما يشرع الأبواب على العديد من التكهنات تزامناً مع الظروف المتقلبة والصعبة في العالم ككل، خاصة عندما أشار البنك المركزي ال FED بأنه سيتم تخفيض الفائدة أقله مرتين ولكن خلال العام 2020 المقبل.
ونتيجة لهذا التصويت تتوقع جهات نافذة في الإدارة الأميركية حصول مواجهة محتملة ما بين رئيس مجلس الإحتياط الفيدرالي جيروم باول من جهة والرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة أخرى الذي كان يمارس ضغوطات جمة في الآونة الأخيرة على الإحتياطي الفيدرالي من أجل خفض الفائدة على الدولار.
وعلى الرغم من الصياغة الدقيقة في ملخص بيان إجتماع نهار الأربعاء، لا تزال الأسواق الأميركية والمحللين الإقتصاديين يراهنون على تخفيض الفائدة خلال شهر تموز 2019. – هذه نوتة منفردة.
وبالمقابل نقرأ نوتة مناقضة; إذ عقب البيان الذي تلاه باول خلال مؤتمره الصحافي، صرح قائلاً: “يلاحظ العديد من المشاركين في المؤتمر الآن بأن سياسة التكيف قد تعززت والوضع الإقتصادي الحالي إلى حد ما”. مما زاد الشك لدى المعنيين في إحتمال حصول أي تخفيض على المدى المنظور.
وعندما سئل عن مصيره كرئيس للإحتياط الفيدرالي بعد التلميح من قبل ترامب بأن هناك نية بتخفيض رتبته في المدى القريب، صرح باول مؤكداً :”أعتقد بأن القانون واضح من ناحية صلاحياتي وولايتي في رئاسة المصرف المركزي لفترة 4 سنوات وأعتزم تنفيذها بالكامل”.
يتبين بأن هناك تناقضات في كتابة النوتات من قبل كبار المسؤولين مع إختلافات حادة في الرأي حول ضبابية الرؤية المستقبلية للحركة الإقتصادية. من ضمنها إشارات مهمة قدمتها اللجنة في بيانها لأولئك الذين يلمحون بعدم الإرتياح نتيجة التباطؤ في النمو الإقتصادي، منها العمل على شطب كلمة “مريض”! في وصفها للنهج السياسي المتبع حالياً مع الإشارة بأن مسارالسوق مائل أكثر إلى “التشاؤم” إزاء معدلات الفائدة. هكذا تم معالجة الوضع المالي عبر شطب كلمة وزيادة كلمة أخرى. وتتابع اللجنة في بيانها بأنها ستواصل مراقبة أرقام التضخم ودقة البيانات الواردة وستعمل بكل جهد وحسب ما تقتضي الظروف للحفاظ على النمو الإقتصادي بالتزامن مع خلق أسواق قوية والإبقاء عل نسبة 2% لمعدل التضخم – ويتوافق هذا على ما صرح به باول في أوائل شهر حزيران/يونيو- وأشادت بسوق العمل الأميركي وخاصة في بيانات زيادة طلبات الوظائف وإرتفاع الإنفاق الأسري.
وفي ختام بيانها أشارت اللجنة بأن النشاط الإقتصادي في البلد تغير من مؤشر “قوي” في شهر آيار/مايو إلى مؤشر “يرتفع بمسار معتدل” خلال شهر حزيران/يونيو الفائت. هذا تعبير لنوتة إقتصادية قوية.
وكل هذه العوامل أضافت دعماً قوياً لأسواق الأسهم الأميركية والتي هي منتعشة أصلاً بعكس أسواق السندات للخزينة التي تبدو بصورة قاتمة للغاية. عندما سجل مؤشر ال S&P رقماً تصاعدياً قياسياً بلغ مستوى 30.06، كانت عائدات السندات على أنواعها تسجل أدنى مستوياتها الرقمية منذ إنتخاب ترامب. فسندات الخزينة لمدة 10 سنوات سجلت إنخفاضاً كبيراً بأقل من 2% من أصل 3.20 %، مما يؤثر سلباً وبطريقة مباشرة على طلبات القروض العقارية وغيرها من القروض الإقتصادية.

ومن المتوقع بأن يبادر ال FED بتخفيض أسعار الفائدة خلال شهر تموز/يوليو وذلك للمرة الأولى منذ إندلاع الأزمة الإقتصادية عام 2008. وتتابع إحدى المصادر بأنه أي ال FED سيعيد الكرة مرة وإثنان خلال هذا العام. وتعتبر هذه خطوة جريئة من قبل الفيدرالي وتحول جذري في الإقتصاد منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر 2018 – إذ قبل هذا التاريخ بعامين أقر إعضاء مجلس إدارة ال FED برفغ سعر الفائدة 7 مرات متتالية.
وهذا ما يسعى إليه ترامب الذي يتبع سياسة حماية الدولار الأميركي من الدول المنافسة كالصين والدول الأوروبية، عبرالحد من التلاعب بالعملة الخضراء مقابل العملات الأجنبية الأخرى من أجل الحصول على مزايا تجارية مميزة.
وترامب المجنون عالمياً والمنطقي داخلياً الذي يمتلك لائحة حمراء من ثماني دول تحت المراقبة والصين هي على رأس الهرم، يسعى إلى إضعاف الدولار مقابل العملات الأجنبية الأساسية ليشجع الطلب على البضائع الأميركية وبالتالي المزيد من الصادرات التي تنعش الإقتصاد وتساهم بخفض الدين العام البالغ قيمته 22 تريليون دولار.
نهاية النوتة الموسيقية ترتكز على تناقضات عالم رأس المال وما يختزنه من فجوات تعبر عن الفوضى الإقتصادية من ديون، بطالة، تضخم، تلوث، حروب متنقلة عسكرية وتجارية … هذه عينت عن نوتات النشاز لآلات مهترئة ومتكسرة على أبواب السياسة والإقتصاد لأجل جيوب طالما ظلت فارغة منهوبة مدمرة لذاتها وأجيالها وبيئتها.
ريكاردو غصن – إقتصاد

Continue Reading
Advertisement Ad placeholder
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *