Connect with us

صحة

عمليات التجميل بين الضرورة والمرض النفسي!

Published

on

محمد قاسم الساس
مَن مِنا لا يُحب الجمال؟ من مِنا لا يتمنّى أن يكون بنظر غيرهِ جميل؟
أسئلة ورغبات عدة دفعت الكثير منا إلى اللجوء لعمليات التجميل، علنا نبدوا أكثر جمالاً أو مثلما نعتقد بأننا أصحبنا كذلك، حيث تعتبر الجراحة التجميلية التخصص الوحيد في الطب الذي لا يخضع فقط للقواعد الطبية والعلمية، ولكن تظهر فيه جلياً لمسات الفن، والحس التخيلي لجراح التجميل، حيث أن جراحات التجميل تشمل الجراحات التكميلية، لإضفاء مظهر أكثر قبولاً وتناسقاً سواء للوجه أو لجسم الإنسان. هذا بالإضافة لجراحات الإصلاح لإزالة آثار التشوهات، والتي بدورها من الممكن أن تكون عيوباً خُلقية أو آثاراً للحوادث أو الحروق.
 
الجراحات التجميلية الأكثر رواجاً شملت: تكبير الشفاه لدى النساء، تكبير وتصغير ثدي المرأة، وتكبير الأرداف مع تجميل الأسنان، شد البطن، تجميل الأذنين والعينين، تصحيح الذقن والأنف لكلا الجنسين، بالإضافة إلى اللجوء للتجميل بواسطة الليزر، واستخدام البوتكس، وغيرها من التقنيات، وهي ما تجرى غالباً لكبار السن، ويقصد منها إزالة آثار الكبر والشيخوخة، مثل تجميل الوجه بشد تجاعيده، وتجميل الرقبة واليدين، ليبدو صاحبها أصغر سناً.
 
أصحبنا نلاحظ أن عمليات التجميل ليست حكراً على النساء، بل إن كثيراً من الرجال يقومون بها، ربما تقل نسبتهم عن النساء، ولكن هناك نسبة لا بأس بها من الرجال يقومون بعمليات التجميل، مثل عمليات تغير المسار في الجهاز الهضمي، وبعض عمليات الشفط للدهون من مناطق معينة في الجسم، وتكبير وتجميل أعضائهم التناسلية.
 
تعود أسباب تمادي بعض الأشخاص في الجراحات التجميلية أو ما يعرف بالهوس، الى ما تبثه وسائل الإعلام وثقافة القنوات الفضائية، التأثر بالمشاهير، ضعف الوازع الديني، وضعف الثقة بالنفس. حيث يعتقد معظم الأشخاص بأنهم يمتلكون جسد غير سوي، ينقصه بعض الجمال، أو حتى قبيح، وقد يكون وفرة المال، ووقت الفراغ، والترف، هو السبب الأكبر وراء ذلك.
 
حيث يوجد ارتباط قوي، بين العمليات الجراحية التجميلية، وبين الحالة النفسية للشخص الذي يُريد إجراء عمليات جراحية تجميلية، وهناك بعض الاضطرابات النفسية المعروفة، والتي يُعاني فيها الشخص من عدم تقبّله لأعضاء معينة في جسده.

الدكتورة “غنى نجاتي”، اختصاصية في الصحة النفسية، اوضحت: “أن معظم أطباء التجميل يرون أن وراء تلك العمليات مكسب مادي يقود بهم إلى الثراء، متناسين تماماً أن أغلب تلك الحالات تعود إلى مرضٍ نفسي، يعود إلى نوع من أنواع (الوسواس القهري)، أو ما يعرف بــ (اضطراب صورة الجسد)، وقد تكون الحالة ناجمة عن عدم توازن في وجود مركبات كيميائية في الدماغ، خاصة مادة سيروتونين، ما ينتج عنه اضطرابات في المزاج والاكتئاب، تظهر على هيئة رغبة في تغيير شكل أجزاء من الجسم، تحت ضغط الاعتقاد بأنها أجزاء قبيحة. وعلاجهم النفسي والدوائي، أبعد ما يكون عن الانسياق وراء الاستجابة لرغباتهم في تغيير أشكالهم وصورهم عبر العمليات التجميلية، لأنها لن تُفلح البتة في إزالة وهمهم ووسواسهم، بل قد تُعمق ذلك الشعور لديهم، خاصة عند تلقي استحسان أو إعجاب من الغير بما تم تغييره لهم”.
واضافت: “أغلب نتائج عمليات التجميل لا تكون ضمن المتوقع، سواء أكان من الناحية النفسية، أو حتى الجسدية، لذلك قد يلجأ أولئك الأشخاص للبحث عن طبيب آخر، أملاً بالوصول للشكل المطلوب، خاصة أنه قد تعود بعض الأسباب إلى الطبيب المُعالج نفسه، إذ أن أغلب هؤلاء الناس يتوافدون إلى جراحين غير مختصين، لا يخضعون للرقابة الطبية والصحية، وهدفهم الوحيد الربح المادي لا غير”.
المشكلة تكمن في أن عمليات التجميلية تُجرى بدون فحص نفسي، فيما إذا كان الشخص الذي يُريد إجراء العملية يُعاني من أي اضطرابات نفسية، علينا معالجتها.
 
اضطراب صورة الجسد أو ما يعرف باسم  BDD، هو مرض نفسي يكون المصاب فيه منغمساً بالتفكير المستمر بأمر ما متعلق بمظهره، وذلك الأمر قد يكون عيباً جسدياً بسيطاً أو حتى غير حقيقي، إلا أنه من وجهة نظر المصاب أمر شائن ومخجل ومثير للضيق، ما يجعله يرغب في إخفائه عن الآخرين، وقد تتطور الأمور أحياناً لتصل إلى درجة شديدة من الاكتئاب والقلق، أو تطور لاضطرابات قلق أخرى، مثل العزلة الاجتماعية وغيرها. 
 
وترى الطبيبة النفسية أن ظهور هذه الأعراض عادة يحدث في سن المراهقة أو في سن البلوغ المبكر، حيث تبدأ أكثر الانتقادات الشخصية لمظهر للمرء عادة، على الرغم من أن حالات ظهور الاضطراب عن الأطفال والبالغين غير معروفة. يعتقد خطأ بأن معظم حالات اضطراب صورة الجسد هي عند النساء، ولكن تشير الأبحاث بأن الاضطراب يؤثر على الرجال والنساء على قدم المساواة.
 
وأضافت: “تتضمن المضاعفات التي قد يؤدي إليها هذا الاضطراب أو يتعلق بها، الأفكار والسلوكات الانتحارية، والاكتئاب والاضطرابات المزاجية الأخرى، والاضطرابات والقلق، واضطرابات الطعام، وتعرض غير مبرر لإجراء الجراحة التجميلية، ونقص احترام الذات، والانعزال الاجتماعي، وعدم وجود صداقات حميمة، وصعوبة الحضور في العمل أو مكان الدراسة”.
 
الجمال، قناعة نفسية داخلية، وهو شيء شخصي، لأن مفهوم الجمال أمر نسبي، يختلف من ثقافة إلى أخرى، فمن المؤسف أن معظم الأفراد يحاولون القيام بجراحات تجميلية فقط من أجل التشبه ببعض المشاهير أو بسبب الغيرة من بعض الاشخاص، وليس للضرورة، دون التفكير بمضاعفات هذه الجراحة، كونها ليست خالية من المخاطر، وتحمل نفس المخاطر العامة التي تحملها جميع الجراحات الآخرى، بما في ذلك الإنتانات والجلطات الدموية، فضلاً عن المخاطر المرتبطة بالعملية المحددة.
 
ولكن متى يمكن اللجوء إلى حلول العمليات التجميلية؟ تجيب الدكتورة نجاتي قائلة: “أنا أشجع على الجراحة التجميلية، عند وجود سبب خلقي وحاجة طبية، مثل التعرض لحادث أو حروق معينة، أما عندما يكون سبب القيام بالجراحة التجميلية، هو ضرب من ضروب الموضة، أو لإرضاء الاخرين، فعندها يكون اجراء الجراحة التجميلية خطراً على الصحة النفسية والجسدية للفرد”.
وأضافت: “أن العديد من المرضى يتوجهون إلى عيادة التجميل بدافع خلل في الثقة بالنفس، مع الإمكان بمعالجة السبب الأساس الذي أدّى إلى اختلال التوازن الداخلي”.
وأشارت الدكتورة نجاتي الى أن الكثير من الاشخاص لا يبوحون في إجراءها، لأن الهدف منها هو الظهور بهيئة أجمل، علماً أن هنالك ممن يفتخرون بإجرائهم الجراحة التجميلية.

Continue Reading
Advertisement Ad placeholder
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Advertisement Ad placeholder

التقويم

أكتوبر 2024
ن ث أرب خ ج س د
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
28293031  

الارشيف

© كافة الحقوق محقوظة 2023 | أخبار الشرق الأوسط - News Me | تصميم و تطوير TRIPLEA