Connect with us

Newsme

الإنهيار التاريخي للذهب الأسود

Published

on

بقلم الخبير الاقتصادي ريكاردو غضن

شهدت أسواق النفط العالمي يوماً تاريخياً  نهار الإثنين الواقع  في 20 إبريل/نيسان 2020 ، عندما إنهارت أسعار الخام العالمي إلى ما دون الصفر في واقعة لم يسبق لها مثيل. سيظل العالم يتذكر هذا التاريخ وهو ما يثير علامات  إستفهام عديدة عن كيفية حدوث هذا الأمر وتداعياته السلبية على المتضررين من مستثمرين ومضاربين.           

  إذ تعتبر التراجعات التي شهدها الخام الأميركي مسألة تقنية لها علاقة مباشرة بإنتهاء تداول عقود تسليم  شهر آيار/ مايو نهار الإثنين، بدليل أن عقود النفط لشهر حزيران/يونيو كانت عند سعر ال21 دولار للبرميل  الواحد وبالتالي فمن يشتري النفط  كالمصافي، كبار الشركات، حكومات الدول والمضاربين الذين ليس بمقدورهم الإحتفاظ بما ل ديهم من عقود فهم يشترون ويبيعون على الورق وبالتالي عليهم الخروج من مراكزهم قبل أن يجبروا على التسليم.  

فإن أسواق النفط  فيها فائض كبير بين ما هو موجود كمخزون تجاري لدى كبرى الشركات في العالم. وهذه تعد إقتصادياً تخمة في المعروض- فائض في الإنتاج، والتراجع الحاصل في الطلب نظراً لوجود فيروس الكورونا، أدت كل هذه العوامل على ضغط هائل على الأسعار نحو إنخفاض شديد من دون أية حركة تصحيحية للأسعار عبر معادلة فيبوناتشي ولو حتى  %28. والذي زاد في الكارثة هذه قرارات تحالف أوبك+ الغير فعالة والغير مطبقة في الأسواق، بسحب الفائض ووقف الإنتاج  العشوائي. إذ كان من المفروض على كل من أميركا، النروج، كندا والبرازيل أن ينضموا إلى تحالف تخفيض الإنتاج وهذا لم يحصل حتى الآن.

يذكر أنه بالرغم من التخفيض القياسي الذي أقرته أوبك+  ب 10 مليون برميل يومياً، إلا أنه لم يستطع تهدئة الأسواق مباشرة في ظل الهبوط الحاد في الطلب نظراً إلى إنقضاء مهلة عقود شهر آيار/مايو، توجب على كبار المتعاملين العثور على مشترين في أقرب وقت ممكن لتجنب المزيد من الخسائر. لكن مع إمتلاء منشآت التخزين في الولايات المتحدة والعالم أجمع وعدم وجود أي من المشترين إختل التوازن في سوق العرض والطلب بشكل هستيري من دون تسجيل أية فجوات Gaps على الرسومات البيانية عندها هبط  السعر إلى 37.63 دولار تحت الصفر!

Advertisement
Ad placeholder

والتفسير الأساسي هنا لهذه اللحظة هو ما يُعرف به بالبراميل الورقية،  وهذا مصطلح يستخدمه مضاربي البورصة. إذ إن التجارال Hedging الذين يتعاملون بالعقود الورقية إقتربت المدة الزمنية لإنتهاء عقودهم الآجلة. والمضاربين في السوق الذين بدورهم إشتروا عقود بحجم هائل لمدة ثلاثة أشهر متتالية لم يجدوا أي وسيلة لبيعها عبرأي من المشترين في الأسواق المالية العالمية أو حتى تصريفها  لو قرروا بإستلام  شحنات النفط بالكامل، إذ لا  توجد أماكن لتخزينها

كما يتواجد 4 ناقلات نفط عملاقة سعودية تجوب البحار منذ حوالي شهر باحثة عن أي طلب بسعر زهيد فتم رفضها من الجميع من بينها مصر وسنغافورة. ناهيك عن قرار شركة  أرامكو  مؤخراً بتوقيف وإقفال حوالي %50 من المصافي في السعودية. هذه الجزئية لها أيضاً علاقة بفيروس كورونا الذي تسبب بإنهيار الطلب العالمي على النفط ومشتقاته بسبب توقف إنتاج الطاقة وحركة المواصلات في العالم منذ ثلاثة أشهر. فهؤلاء المضاربين على الورق على أنواعهم هم الذين تكبدوا الخسائر لمستوى سلبي بعدما صدقوا كلام الرئيس الأميركي بأن أسعار النفط  سترتفع وأن الأمور ستعود لطبيعتها بسرعة كبيرة، ولكن هذا ما لم يحصل.  لأنه تقنياً وحسب الخبراء هناك فائض بمئات الملايين من البراميل مخزنة حول العالم. عندها فوجئ الجميع بالضخ الكبير المستمر وردات فعل السوق نظراً لقلة التصريف وعدم التخفيض الطوعي للإنتاج.

وبعد هذا الهبوط الشديد في الطلب، والشوارع الخالية من السيارات، وإنخفاض الإستهلاك، وتوقف الشحن الجوي والبري والطيران المدني، وإنهيار كبار الشركات، يتوقع أن ترتفع عقود شهر آب/أغسطس  وشهر أيلول/سبتمبر بشكل طبيعي، إذ على الإقتصاد العالمي أن يستعيد من عافيته ولو تدريجياً  عند غياب فيروس كورونا. فسوق النفط هو سوق شديد التأثر بالمتغيرات السياسية والإقتصادية وهذه قائمة على العرض والطلب، ولكن ظهور كورونا تسببت بإقفال المصانع وشل حركة إنتاج السلع والخدمات على مستوى العالم.

فخلال الأسابيع الماضية، صرحت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، بأن الإقتصاد العالمي قد دخل بالفعل مرحلة الركود وكان لذلك إنعكاساته الواضحة في تقدير سوق النفط في تعاملاته، لذلك بدأت الصفقات الأجلة من أنواع النفط كال برنت Brent وال RBOBبالتراجع. كما أن معظم الأخبار عن كيفية التخلص من فيروس كورونا تتحدث بمدة زمنية تتراوح من ستة أشهر إلى سنة، وهوما يجعل الرهان مجدداً على تحمل مخاطر الإحتفاظ بالنفط وتخزينه عالية جداً.

ولكن السؤال الأساسي هنا كيف لأسعار البورصة أن تصل إلى أسعار سالبة أي ما دون الصفر في سابقة لم تحصل أبداً في تاريخ التجارة وفي أسواق التداول. حسابياً هي كالتالي، عندما يشتري المستثمر أو المضارب سلعة ما بكل ما لديه من مال في حسابه الخاص بالتداول، وتبدأ هذه السلعة بالهبوط  لأسباب إقتصادية وتستمر الأسعار في النزول حتى يخسر المستثمر كل رأسماله، عندها يطلب المستثمر أو المتاجر بأن يفتح له دين أو CREDIT فهو أصبح في مستوى ال Margin Call Minus ورقياً، إلى أن يضطر أن يغلق مراكزه نظراً لعدم إرتفاع الأسعار فالنتيجة تكون: – خسارة لرأسماله بالكامل  وأيضاً عليه تغطية دفع ال CREDIT وهو المسجل بناقص كونه أصبح متعثراً.   هذا ما جرى تحديداً نهار الإثنين الأسود للذهب الأسود مع كبار الشركات والمستثمرين في بورصة نيويورك .NYMEX

Advertisement
Ad placeholder
Continue Reading
Advertisement Ad placeholder
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Advertisement Ad placeholder

أحدث التعليقات

التقويم

أبريل 2024
ن ث أرب خ ج س د
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930  

الارشيف

© كافة الحقوق محقوظة 2023 | أخبار الشرق الأوسط - News Me | تصميم و تطوير TRIPLEA