الادوار الثانية هي اولى ونص في “خمسة ونص” وكل مسلسلات رمضان

جوزفين حبشي:
“يا بتفكر يا بتحس”… انا وغيري كتار “حاسين” انو المنتجين بقطاع الفن التمثيلي “بيفكروا” انو النجومية والبطولة والادوار الاولى وقصص الحب، ما بتلبق الا لممثلين شباب ( ماكسيموم عمرن ٣٥) وحلوين ولذيذين ورومنسيين وطيبين فقط لا غير.
لهيك عبالي قول بصوت عالي: يا منتجين ما تخافوا من عمر الممثلين، ويا ممثلين ما تحصروا حالكم بادوار بترضي المنتجين بس.
هالفكرة خاطئة، بدليل انو اهم نجوم مسلسلات رمضان هالسنة هني ممثلين لامسوا الخمسين او تخطوها ، واداءاتهم بالادوار التانية عم ترفع الاعمال، وبذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر نقولا دانيال واسعد رشدان وجوليا قصار ومنى واصف وجوزف بو نصار وهيام ابو شديد وغابريال يمين وغيرن كتار.

طبعا الدور التاني لا يقل اهمية عن الدور الاول، واعظم ممثلي العالم بيقدموا ادوار تانية( من ميريل ستريب وال باتشينو وروبرت دو نيرو وهيلين ميرن وانطوني هوبكينز وداستن هوفمان ومايكل دوغلاس وغيرن)، ولكن هالنجوم الخمسينيين وطلوع ، لا تزال ادوار البطولة تكتب الهم، وبعدا شبابيك التذاكر بتتحطم كرمالن، والجمهور بيعشق تجاعيدن وخبرتن وقصصن.
انطلاقا من هالفكرة الخاطئة واللي لازم نصر على تغييرا، انا عبالي احكي اليوم عن خمسة من ممثلي مسلسل ” خمسة ونص”، وتلاتي منهم، نجوم فعليين، عمرن فوق الخمسة، وحدا صفر.

خمس اشخاص لأنو عبالي احكي عن القصص الحلوة ، وما عبالي كتير وقّف عند الحبكة ال “نص نص” اللي كنت بتمنى انها تكون فعلا نص نص بين الرومنسية ( حبيبة قلب الجمهور العريض) وعالم السياسة والتوريث السياسي ، هالعالم المثير والخطير والغامض، واكتر من الحب احيانا، اللي كان ممكن ياخد المسلسل لمطارح اقوى واغنى ، لو تخصصلو نسبة ٤ او ٥ من ١٠ من مجمل القصة، مش طالبين منكن ٥ ونص. صحيح انو المسلسل عم يتطرّق للتوريث السياسي وكومبينات السياسيين وقصص الفساد الانية حاليا (الادوية والنفايات…) بس المعالجة للاسف سطحية . ليش؟ هل لأنو الناس برأي المنتجين، ما عبالهم يغرقوا بعالم السياسة الطالع من مناخيرهم؟ او لأنو ما الهم جلادة قضايا عميقة وقوية، وبزيادة عليهم قصص الحب والرومنسية وابطال حلوين واجواء ابهارية بتبعدهم عن واقعهم؟ اسئلة برسم صنّاع المسلسل.
الحديث عن الابطال الحلوين، بيرجعني لهال ٥ اشخاص تحديدا ( مع تقديري لكل الممثلين) ، لأنهم عن جد كتير حلوين، شكلا ومضمونا وتركيبا لشخصياتهم ، وقدرة على تلوين النص بحضورهم ونظراتهم وجنونهم وبرودتهم ولؤمهم ووجعهم وانكسارهم. هالممثلين الخمسة هني نقطة قوة ٥ ونص ، وبيستاهلوا ١٠ على ١٠.
الممثلة الاولى: الرائعة رلى حمادة بدور استثنائي متلا. سوزان شخصية عم بتركبها رلى حمادة متل ما بيركب فرمشاني خلطة معيّنة من مواد عديدة، مختلفة، متناقضة، لتشكل كلها دوا . شو هال رلى حمادة؟ شو هالسوزان اللي خانت العالم كلو كرمال رجال ما حبها متل ما هي حبتو، فخسرتو وخسرت ابنها، وما عاد عندها غير حقدها دافع ووقود لتكمّل المشوار . هالخلطة المشاعر الغريبة العجيبة من الرقي واللؤم والوجع والشغف والحقد والشر، بملامح باردة، بوكرية ( من بوكر فايس) معظم الوقت، بتحسسنا بالخطر وبسلك كهربا عم يمشي بعروقنا مع كل تطليعة من تطليعاتها، من دون اي حاجة للمبالغة لتجسيد الشر والحقد. مشهد انكسارها بعد ما فقدت اعصابها وحرقت الماضي، لازم يتدرّس: شعرا الفالت من تحفظو ، عيونا المعجونة بالوجع، صوتا الضايع متلا، سيكارتها اللي عم ترجف اكتر منها، اجمل صورة لمرا على شفير الهاوية، والحقد هو القشة اللي عم تتمسك فيها تا ما توقع.

الممثلة التانية: الاستثنائية نوال كامل بشخصية مميّزة ، سهيلة مدبرة القصر . دور نوال كامل بيأكد لكل الممثلات انو التعابير الصادقة والتجاعيد والدموع وقسمات الوج المتشنجة من القهر والوجع هني الماكياج الحقيقي اللي بيجمّل اداء اي ممثلة. دموع نوال كامل الصامتة وتجاعيدا اللي اشتقنا نشوفن عند الممثلات، وشعرا المنكوش والتعبان متلا ووجعها الصامت من دون اي مظهر من مظاهر المبالغة بالاداء عدم مبالغتها، عم بيخلوني اكتشف انا شخصيا فنانة كبيرة لافتة باداءا الطبيعي والحقيقي . ممثلة ما كنت بعرفها” هيك” و “هالقد”.

الممثل التالت: القدير رفيق علي احمد، صاحب الحضور المغنطيسي والكاريزما العالية والسهولة الفائقة بلبس جلد شخصية الزعيم، لأنها بتلبقلو وبتلبق لطلتو وهيبتو وقدراتو.

الممثل الرابع: الوحش قصي خولي. نعم وحش، وهيدا اقل ما يقال فيه، خصوصا بعد مشهد جنونو ( حرق مقتنيات والدتو) . قصي خولي او غمار اللي خلانا نتمنى نحب وننغرم بمرحلة الشغف بينو وبين بيان، فجأة خلع ابتسامتو، وشلح كفوف التكلف واللأمنة الباردة، وزتّ تحفظه وخططه، وكشّر عن انياب الوجع اللي عم ينهشو من طفولتو ، وجن جنونو وجننّا معو بمشهد وجّعنا قد ما وجّعو، وخلانا نفقد اعصابنا متلو، ونخبّط متلو كل حدا ممكن يطلع بوجنا. قصي خولي “وحش” تمثيل، وقدرة هائلة على التنقّل بسلاسة واقناع بين حالات نفسية مختلفة ومتناقضة تماما. قصي خولي عم منصدقو، عاشق شغوف كان ، او رجل وصولي وبلا ضمير وحاقد لئيم مجبول بهوس الانتقام.

اما الختام اللي بتمنى يكون مسك ، فمع الممثلة نادين نسيب نجيم اللي عم بتقدم دور بيان بشكل مقنع طبعا لأنها ممثلة جيدة، بس الدور ما بيوصل ل” نص” او ” ربع” اللي بتقدر هي تقدمو. نادين نجيم اثبتتلنا جميعا ومن يوم ما ابتدت مسيرتها الفنية، انها مش مجرد امرأة جميلة” متعداية على كار التمثيل متل كتير من الجميلات”. نادين نسيب نجيم ملكت المجد من اطرافو من لحظة انطلاقتها بعالم التمثيل، لأنها بتملك الجمال الساحر والنجومية من جهة، والموهبة التمثيلية والاداء الطبيعي والقدرة على تركيب شخصيات صعبة ومعقدة من جهة تانية . والامثلة كتيرة متل ” باب ادريس” و” عشق النساء” وغيرن كتار. لهيك، انا وغيري منزعل لما تحصر حالها بكادر المرأة الجميلة والانيقة والطيبة . نادين نسيب نجيم عبالنا نشوفك خوتة، شريرة، حاقدة، مريضة نفسيا، فقيرة، خبيثة… نادين نسيب نجيم، انت امرأة جميلة جدا، وكلنا منعرف هالشي. وانت ممثلة موهبوة جدا، وكلنا كمان منعرف هالشي. لهيك عبالنا تبهرينا مجددا بجمال قدرتك على تجسيد شخصيات صعبة ومركبة.

اخيرا وليس آخرا، ٣ من هالخمس ممثلين اللي حكيت عنهم، هني ممثلين كبار، عمرن فوق ال٥٠ ، وموهبتهم ١٠٠ على ١٠٠ . لهيك، يا ريت الدراما بتغيّر نظرتها للعمر، وما تعود تخاف تكتب وتنتج اعمال بترتكز بشكل اساسي على شخصيات بالخمسين او الستين او حتى السبعين والتمانين من عمرا . هالشخصيات بيلبقلا تكون البطلة الاولى، والحب مش حكر على عمر الشباب بس. والحبكات الحلوة مش بس بتدور حول الحب. الدراما الحالية وخصوصا المنتجين هني اللي عم بيخوفوا الممثلين والممثلات من العمر والتجاعيد، بحجة انو الجمهور عايز كدة. لأ الجمهور مش عايز كدة، الجمهور “بيحس “صح لهيك ” فكروا” تصححوا الغلط.